هي، المراكز البحثية وخزانات التفكير وحدها القادرة على إعطاء إضاءات لمكونات المشهد السياسي، أي مسرح العمليات.
وأهم ما تكشفه مراكز التفكير والبحث توجهات (الأصدقاء، والخصوم، والأعداء) على السواء.
ولماذا قلت على السواء بين ثلاثة قطعاً مختلفين؟
لأنّ جميعهم، وإن كانوا مختلفين، تحركهم مصالحهم، وليس مصالحك، وهي بالضرورة مختلفة بينهم، ولكل منهم شأن، صحيح، ولكن كلا منهم يتحرك نحو أهدافه لا أهدافك.
لهذا؛ *أنت فريد، كما هم، نعم تتقاطع تتشابك، وتتعارض، تتعارك، وتتضاد ، تتقابل...، المصالح، وأنت وسط هذه الغابة المتشابكة من المصالح المتعارضة عليك أن تبقى وترتقي لتحقيق أهدافك وتصل إلى غاياتك.*
وهذا ما يحتم عليك أن ترسم مسارك لنفسك، وتضع خطواتك في المكان الذي يجب أن تضعها أنت فيه، ولا تجعل غيرك يخطط لك.
وإلا كنت جزءًا من غيرك، وبذلك افتقدت ذاتك، وليس فقط استقلاليتك، حتى وإن كان هذا (الغير) تصنفه صديق !
نعم، *الصديق كما هو فرصة إلا إنه، لو لم تحسن توظيفه، حالة تهديد، كما هو العدو، ولكن من الجانب المقابل، فكلاهما يسعى نحوك بدافع مختلف، ولكن مؤداه قد يكون واحدا.*
```فالعدو يسعى لإنهاكك وإنهائك، والصديق يدفع لاحتوائك (ابتلاعك).```
غير أن خطورة الأول ظاهرة، أما الآخر فالخطورة منه أن الرغبة قد تدفعك إليه، والرغبة كفيلة بأنّ تبرر لك كل عوامل فنائك فيه.
ولهذا قال الحكماء، احذر عدوك مرة، واحذر صديقك ألف مرة...، فهو أعلم بالمضرّة.
*أ. عبد الله العقاد*