تحت عنوان "تفاهمات القاهرة الأخيرة وفرص نجاحها"
معهد فلسطين ينظّم لقاءً حوارياً في مدينة غزة
غزة- نظّم معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية يوم أمس في مدينة غزة لقاءً حوارياً تحت عنوان "تفاهمات القاهرة الأخيرة وفرص نجاحها" بمشاركة نخبة من الكتّاب والمفكرين والمحلّلين السياسيين الفلسطينيين.
وتخلل اللقاء الذي تم عقده عبر تقنية zoom كلمات افتتاحية لضيوف اللقاء وهم الوزير السابق محمد إبراهيم المدهون رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات الكاتب الفلسطيني، والكاتب السياسي هاني المصري مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية – مسارات، والكاتب السياسي أحمد الشقاقي المحاضر بكليات الاعلام في الجامعات الفلسطينية.
وترأّس الجلسة الباحث في معهد فلسطين أحمد حمدان، حيث ناقش الحضور التفاهمات الأخيرة والواقع السياسي وإمكانية نجاح الانتخابات الفلسطينية التي تقرر إجراؤها على التوالي خلال العام الجاري.
وفي مداخلته أشار محمد المدهون إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومن خلفه المنظومة الدولية بشروطها المجحفة يريدون إعادة الاعتبار لمسار أوسلو، حيث يعيش الرئيس على أمل استئناف العلاقة مع البيت الأبيض في ظل إدارة بايدن وفق مسار حل الدولتين وهو يحمل وثيقة تجديد شرعيته لولاية رئاسية جديدة.
أما حركة حماس -وفق المدهون- فهي تحاول أن تُكرر نتائج الانتخابات التشريعية السابقة مع سعيها لتأمين أن تتحول الانتخابات في نتائجها ومسارها إلى مساهمة في توحيد البيت الفلسطيني عبر إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية على قاعدة الشراكة، وعبر التوافق على برنامج وطني مشترك يوحّد طاقات الشعب الفلسطيني ويتجاوز اتفاقية أوسلو التي داستها جنازير دبابات الاحتلال قبل سنوات.
كما ذكر المدهون أن العوامل المحيطة تدفع باتجاه إنجاح حوار القاهرة، مع الإشارة إلى وجود ضغط أمريكي وأوروبي على السلطة الفلسطينية لتجديد الشرعيات البرلمانية والرئاسية الفلسطينية.
وبرأي المدهون فإن لقاء القاهرة كان ناجحاً رغم وجود العديد من نقاط الخلاف القائمة، ودورنا هو العمل على حماية واعتماد نتائج الانتخابات المقبلة وصولاً إلى التمسك بتشكيل المجالس التمثيلية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
وفي مداخلته أكد الكاتب هاني المصري على أهمية الحوار الفلسطيني الداخلي، وأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، وأن قطار الانتخابات برأيه قد انطلق، ويجب العمل على استكمال إجراءات العملية الانتخابية الديمقراطية، كما أشار إلى أن الانتخابات هي مدخل مهم لإنهاء الانقسام، وتأجيل القضايا المركزية الى ما بعد الانتخابات هو عملية سياسية بامتياز تفيد التعايش مع المرحلة المقبلة.
وأضاف ان الحوار لم يدخل الى عمق التحديات الفلسطينية بل تجاهل قرارات المجلسين المركزي والوطني، مشيراً إلى ضرورة الوقوف ومراجعة تجاهل المواقف الوطنية من الاتفاقيات والتنسيق الأمني مع الاحتلال.
ونوّه المصري إلى عوائق كبيرة يمكن أن تظهر بعد الانتخابات، أهمها الطعون في إشراف الشرطة على الانتخابات، بالإضافة إلى القرارات الرئاسية المتضاربة بين مصطلح "رئيس الدولة" و"رئيس السلطة"، وهذا يمثل مدخلاً للطعن في الانتخابات أمام نصوص القانون الأساسي، وأن التزامن في العملية الانتخابية لم يكن مطلباً فصائلياً فقط، وإنما يأتي وفق نصوص القانون الأساسي الفلسطيني.
وفي حديثه عن الاحتياج الوطني لقائمة مشتركة، أشار المصري إلى أهمية وجود قائمة وطنية موحدة على أساس إنهاء أوسلو وتعزيز المقاومة، مُبدياً تخوفه من عدم الوصول الى انتخابات المجلس الوطني طالما استمر وجود الانقسام السياسي الفلسطيني.
بدوره أكد الكاتب الفلسطيني أحمد الشقاقي في مداخلته وجود تخوف كبير من كون الانتخابات هي مجرد مناورة سياسية من الرئيس عباس الذي يمتلك مفاتيح القرار الرسمي الفلسطيني، مؤكداً أن العديد من المؤشرات السياسية سواءً في طبيعة جلسات الحوار أو المراسيم الرئاسية وغيرها، أضفت روحاً سلبياً على مسار الحوار الداخلي.
وطالب الشقاقي بتأسيس مسار وطني جديد يُنهي محاولة العودة بالحالة الوطنية إلى مشروع سياسي انتهى على أرض الواقع، مؤكداً ضرورة حسم الموقف من المحكمة الدستورية، واستكمال نزع شرعيتها لأنها غير مؤتمنة على القانون الفلسطيني.
وأشار الشقاقي إلى ضرورة تهيئة المناخات بما لا يعكّر واقع العملية الانتخابية، بما في ذلك إطلاق الحريات العامة والإفراج عن المعتقلين السياسيين وصرف مخصصات الأسرى المحررين وأسر الشهداء وغيرها من الخطوات.
وخلال كلمة ألقاها رامي الشقرة رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية شكر فيها ضيوف اللقاء والمشاركين فيه منوهاً إلى مشروعية الخوف من تعثر جولة الحوار الأخيرة، خاصة مع فشل جولات حوار عديدة سابقاً، مؤكداً أن الانتخابات مرحله مهمة لإتمام الوحدة، والخروج من أزمة المشروع السياسي الفلسطيني، مستبشراً أن الجولة الحالية ستعزز القناعة لدى الجميع بضرورة الشراكة السياسية، ومعالجة آثار الانقسام وهذا يتطلب مدة زمنية ليست بالقصيرة بسبب طول مدة الانقسام، كما طالب ببذل جهود ميدانية كبيرة لرأي الصدع، مشيراً إلى أن الأهم هو توفّر الارادة الفلسطينية والتي تقف اليوم على أعتاب اختبار حقيقي لمدى قدرتنا من التحرر من هيمنة الآخرين، داعماً فكرة ترحيل الملفات الخلافية للحكومة الجديدة على اعتبار أن المرحلة المقبلة ستشهد تغييراً في شكل القيادة الفلسطينية.
من ناحيته فقد طالب الوزير السابق وصفي قبها بإطلاق الحريات العامة والتي كفلها القانون، وتحصين نتائج الانتخابات المقبلة من خلال إصدار مرسوم رئاسي بتفويض وتوكيل نواب المجلس التشريعي الجديد لكتلتهم النيابية حتى لا يتم ملاحقتهم من الاحتلال، كما أبدى تخوفه من فوضى السلاح الموجودة في الضفة اليوم واحتمالية تأثيرها على العملية الانتخابية القادمة.
من جانبه أشار أسامة كحيل رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين بمحافظات غزة إلى أهمية الانتخابات في إعادة الاعتبار الوطني للمواطن الفلسطيني بعد انصراف همه نحو تحسين حياته المعيشية خلال الفترة الماضية.
وفي مداخلة ألقاها الكاتب والمحلل السياسي والباحث في معهد فلسطين عبد الله العقاد تحدث فيها أن الطريق الأصوب في مسار العمل السياسي هو الرجوع إلى الشعب ليحكم بمصيره، ويحدد خياراته ومساره وذلك وجوباً واستجابة للحالة التي تعيشها القضية الفلسطينية والواقع الإقليمي والدولي وإعادة الاعتبار للتمثيل الشعبي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
أما الكاتب والمحلل السياسي والباحث في معهد فلسطين ماجد الزبدة فقد أكد في مداخلته أن المراسيم الرئاسية الأخيرة تتعارض مع القانون الأساسي الفلسطيني، وهي تحتاج إلى معالجة قانونية ودستورية، مشيداً بالتدافع السياسي الحالي باعتباره تدافعاً إيجابياً لانتزاع حقوق المواطنة للمواطن الفلسطيني، مؤكداً وجود إصرار شعبي لتحقيق ذلك.
ومن جانبه فقد أشار الناشط أحمد عزام أن احتياج الرئيس عباس لتجديد شرعيته الدستورية دفعه لاتخاذ قرار إجراء الانتخابات، بينما كان الأولى معالجة الأزمات السياسية والمعيشية المتراكمة قبيل إجراء الانتخابات، مع ضرورة وجود ضمانات بعدم تكرار تجربة عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات.
من ناحيتها فقد استنكرت الكاتبة الفلسطينية نعيمة أبو مصطفى عدم تطرّق حوار القاهرة إلى واقع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وآليات مشاركاتهم في الانتخابات المقبلة، مشيرة إلى وجود تعارض قانوني بين الحديث عن السلطة وفق القانون الأساسي والحديث عن دولة فلسطين وفق مراسيم عباس.
يجدر الذكر أن العديد من المداخلات أشارت إلى أهمية اجراء الانتخابات وإعادة الاعتبار للنظام السياسي الفلسطيني على قاعدة انتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية وتعزيز المقاومة وإنجاز بناء الدولة الفلسطينية المستقلة.