لقد تميزت بيانات المقاومة في معركة "العصف المأكول" بمصطلح يستخدم للمرة الاولى بمثل هذه الكثافة في تاريخ المعارك مع العدو. ولا ينبغي علينا المرور على هذا المصطلح مرورا عابرا "المسافة صفر" لما كان له من اثر كبير في اشعال فتيل الحرب النفسية ضد جنود الاحتلال وقياداته العسكرية والامنية والسياسية خلال العملية البرية.
أكاد اجزم ان هروب الصهاينة من تخوم غزة كان سببه اتقان المقاومة لفن "المسافة الصفرية" التي ارعبت جنودهم كما لم يسبق من ذي قبل. هذا المصطلح لم يخرج الى حيز التطبيق العملي على الارض بسهولة ويسر؛ فلقد سبقه تخطيط واعداد وتدريب على درجة كبيرة من الاتقان والتعب والارهاق والانهاك؛ كل ذلك لم يذهب سدى بل آتى أكلا أسعد جماهير شعبنا وأمتنا وحقق ما لم يحلم به احد قبل ذلك.
لقد اربكت استراتيجية "المسافة صفر" كل حسابات الجيش الذي لا يقهر وعطلت كل خططه وفرغتها من مضمونها بل اكثر من ذلك افرغ الدرج الصهيوني من كل الخطط الاحتياطية والبديلة. وقد وقف المحللون والاستراتيجيون مشدوهين بما يدور من معارك برية على تخوم غزة وهم يرون جنود الاحتلال يصرخون منادين "امهاتهم" لتنقذهم مما هم وفيه ولات حين مناص. حتى ان بعض الجنود وصل الى درجة "الهلوسة" قائلا ان المقاومين الفلسطينيين تتجاوز قاماتهم ثلاثة امتار.
ولقد اعترف نتنياهو انه أنهى العملية البرية حتى يمنع المقاومة من تحقيق انتصارات من خلال قتل او أسر جنوده وهذا دليل دامغ على "الهزيمة" التي يحاول انكارها او التهرب منها ببعض مكياجات لا انسانية بل وفاضحة. ان عملية القتل او الاسر للجنود المحتلين لا يمكن ان تتحقق الا عن طريق فن المسافة الصفرية.
ان اتقان هذا "الفن الصفري" قد قطع أرجل جيش الاحتلال عن القيام بأي توغلات برية قادمة سواء في عمليات خاطفة او حتى طويلة الامد كما خطط العدو او كان يزعم. ان اتقان المسافة الصفرية يعتمد في الاساس على الروح المعنوية العالية التي يتمتع بها المقاوم بنسبة تتجاوز 90% والعشرة الباقية تعتمد على السلاح وهذا ما اعترف به الجيش الصهيوني ان المقاومين يتميزون بالشراسة والمعنويات العالية.