خافضة رافعة

" أليكسا " منخفضٌ جويٌ قاسٍ واسع النطاق في مشرقنا العربي كشف عن وجوه عدّة في علاقتها مع غزة وأهلها. وكشف عن بنية تحتية غزية لا بأس بها لكنها لا تتناسب مع موجة بهذا الحجم والحصار الظالم زاد البنية التحتية الغزية إرهاقاً وضرراً.

هذه الموجة ألحقت أضراراً في غزة بقيمة زادت عن 64 مليون دولار وأغرقت غزة بـ 300 مليون متر مكعب بـ 92% من المعدل السنوي للأمطار، حيث بلغ منسوب المياه 4 أمتار في بعض المناطق بسرعة رياح 70كم بالساعة، مما أدى إلى تشريد 7000 أسرة والبالغ عددهم 42000 فرد آواهم 19 مركز إيواء إنساني.

شكراً للشدائد فقد عرفت بها الصديق من غيره، وهكذا كانت موجة كاشفة لمستوى الجاهزية ومدى العلاقة مع حس الجماهير، كما كانت ناظمة وضابطة لمستوى القدرة على استيعاب موجة غير مسبوقة جعلت أجزاء من محافظات غزة أنهار ماء جارية في الطرقات.

 كما أن " أليكسا " في يومياتها ونتائجها رافعة خافضة لتمثل غزة في شدائدها ترمومتر المصداقية ومقياس الأمة لذا كان لدينا رسم بياني واضح المعالم بيّن التضاريس علينا الإستشراف من خلاله للوحة المستقبل لغزة السابحة ضد تيار السقوط في بحر متلاطم الأمواج.

حكومة المقاومة والبلديات وعلى رأسها رئيس وزرائها الذي قدم نموذجاً للقيادة النابضة بالخير والهمة رفعهم الله في هذه المحنة بما قدموه من إجراءات متواضعة رغم شح الإمكانات وضعف المقدرات، ولم تكن الجاهزية قبل المنخفض تتلاءم مع حجم الكارثة، ولكن أثناء الموجة كانت الحكومة على تماس مباشر مع أزمة غير مسبوقة بهمة ومثابرة وروح فلسطينية عالية تتناسب مع حس المسئولية العام.

"أليكسا" وهذه الموجة الكاشفة تضع أمام الحكومة سؤال وماذا بعد؟ والكشف عن مستوى الجاهزية لمواجهة موجات أخرى لا سمح الله؟ بالتأكيد ما يُطرح من رؤية لمشاريع  استراتيجية تساهم في توفير معدات وتطوير البنية التحتية بما يمكن أن يخفف من آثار تترتب على أي موجة جديدة.

حماس حس الجماهير أكرمها الله في ذكرى انطلاقتها بالرِّفعة، وبالاحتفال بيومها بطريقة هيأها الله تتناسب مع حماس ومشروعها الملتحف بالشعب الفلسطيني فانتفض شبابها وشباب كتائبها في وديان غزة وشوارعها وأزقتها منقذين وداعمين ليخرج حفل الانطلاقة بأبهى صورة وبشكل غير مسبوق. ولعل القليل من الفصائل الفلسطينية أمثال الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي كذلك وقفت إلى جانب شعبنا فرفعها الله تبارك وتعالى.

رفع الله القليل من مؤسسات المجتمع المدني والقطاع  الخاص الذين مدوا يد العون والغوث لشعبنا مثل الهلال الأحمر، والصليب الأحمر والإغاثة الإسلامية وبرنامج الغذاء العالمي، ولكن للأسف بعض مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع المدني ومنها شركات في القطاع الخاص وقفت متفرجة على تشريد جديد لعدد من عائلات شعبنا ثم  بدأ بعضها على استحياء بمساهمات متواضعة لا تتناسب مع حجم الكارثة التي لحقت بشعبنا، ولعل هذه المؤسسات بحاجة إلى استدراك لمعالجة دورها الباهت في الكارثة.

قطر الخير والنخوة والشهامة العربية الأصيلة ممثلة بأميرها الشاب رفعها الله فكانت الأسبق والأسخى في مواجهة غرق غزة. فكانت مساهمة قطر في إغاثة غزة وإضاءة عتمتها بـ 60 مليون دولار منها 10 مليون دولار ضريبة وقود لصالح مالية سلطة رام الله؟! وكانت تركيا النخوة الإسلامية عبر اجتماع عاجل لمؤسسات الإغاثة الإنسانية في تركيا وتمويل 6 مليون دولار لصالح إغاثة غزة على أن تصل إلى 64 مليون بإذن الله.

مثَّل الاحتلال وجهاً ماكراً في التعاطي مع غزة ومصابها فمن جهة يملأ الدنيا ضجيجاً بإرسال مضخات للمساعدة، ومن جهة أخرى فإنه يفتح السدود لمزيد من الغرق بمياه الأمطار والمجاري ويعلن أحد قادة جيشهم أنهم هدفوا من ذلك إلى كشف أنفاق المقاومة.

الإعلام الفلسطيني كما عهدناه جندياً معلوماً في ميادين وملاحم العمل في تنوعها فأعلى الله بهم شأن الشعب الفلسطيني وأبرز على ألسنتهم وأقلامهم وكاميراتهم حال شعبنا وجرحه النازف وقد رفعهم الله تبارك وتعالى.

"أليكسا" كانت كاشفة وفاضحة ورافعة وخافضة ومنبهة ومؤثرة لعلها محنة أرادها الله منحة فزادت ساعات إضاءة غزة على طريق الإنارة الكاملة بإذن الله تعالى.

أضاء الله عتمة غزة وأعلى شأن رافعي لوائها

وأعتم الله ليل ظالميها ونكس رايتهم