لا يمكن لكل صاحب لبّ يرى المشهد المصري في مرحلته الحرجة التي يحياها الشعب المصري إلا أن يلقي بظلال تفكيره على أحمال الإعلام النظيف، الذي ينقل الصورة التي ترى الحقيقة البيّنة، ولا يرى الصورة مقلوبة، فيشوه الحقيقة ويظهر الأحداث على غير مظهرها.
ما يحصل في مصر يعد مشهداً محزناً ومؤلماً، فالأرواح البريئة التي أزهقت على مشهد الحكم في مصر؛ تبرز مشهداً أليماً من الناحية الإنسانية وكذلك من الناحية القانونية والدستورية، وهذا ما دفعني للحديث عن المشهد المصري، ولكن من وجهة نظر فلسطينية ترى المشهد من عدة جوانب، أبرزها أن نترحم على أرواح الشهداء وندعو لهم بالرحمة والمغفرة، ولجميع الجرحى الذين أصابهم القرح خلال هذه الأحداث المؤسفة بالشفاء التام.
ويبدو أننا نعيش في زمن العجائب، على أن الأيام قد صارت كلها عجائب حتى أصبح ليس فيها عجائب، الحقيقة أنني أعجب أشد العجب ممن يستخدمون لغة الشماتة ممن ينتسبون لشعبنا الفلسطيني، ويعتبرون أنفسهم جزءاً من كينونته وقيادته، ويزجّون بشعب غزة وأهل غزة في المشكلة المصرية، وكأنها ساحة معركة خسرتها غزة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، وهذا فسوق لا أساس له من البينة، بل إن من يحاول الزجّ بغزة في هذه الأحداث إنما يريد السوء لغزة، ويريد الفتنة لغزة، بل ويستكثر علينا ما نعيشه من أمن وأمان، ويريد أن يرى مشهد سفك الدماء وقتل الأخ لأخيه في الساحة الفلسطينية، فما ينبغي أن يكون عليه الحال عند العقلاء وأولي الألباب هو أن يكونوا أكثر عقلانية، وأن يدرسوا التاريخ جيداً، وألا يشمتوا بأحد، فالأيام دول، ولا ندري أين تسير الأمور، وهذا ليس شأننا على الإطلاق، بل إننا نتأثر سلباً بأي حدث مؤسف يمكن أن يتسبب في إراقة الدم المصري الغالي على قلوبنا، ونرفض أن يراق على مسرح الحكم في مصر.
غزة يا جماعة..ستغرق في الأزمات وسيزيد عليها الخناق، وستكون أمام كارثة إنسانية حقيقية؛ ما لم يدركنا الله برحمته، وما لم يتم استدراك الأمور في مصر، فالاحتلال الآن يشعر بسعادة كبيرة وهو يرى القلق الذي صنعه بيده ومعه أذياله وأذنابه؛ يسعدون وهم يرون إفسادهم يؤتي أكله على شعب مصر وشعب غزة على السواء، في وقت تشعر فيه غزة بنقص حادّ في الموارد الأساسية نتيجة الأحداث المؤسفة في مصر الشقيقة.
نتمنى أن يتدخل منطق الحكمة، وأن توجّه البوصلة نحو حلّ منصف للأزمة، حتى لا نفقد وجهتنا فتغرق مصر في بحر من الدماء، فنحن كفلسطينيين ومعنا كل حر وشريف في الأمة؛ لا نحتمل رؤية هذا المشهد الأليم، بل إننا يمكن أن نصبر على الجوع والحرمان، لكن لا نصر على رؤية الدم المصري الغالي يراق.
والأمل في الله كبير أن يعجل بالفرج لأهلنا في مصر الكنانة، بوابة النصر والتحرير لنتحقق قول الله عز وجل بصدق: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين"، ودمتم يا أهل مصر سالمين.