ينحني المجد أمام العمالقة، وتبقى أسماؤهم رايات خير وجهاد شامخة ، تحرق وجوه الأعداء وتشيع الدفء والأنس في نفوس المستضعفين، يتراقص النور وينبعث الضياء من هذه النجوم الساطعة. الشهيد القائد المقادمة أهو مجرد أسم عابر ..!! بل هو جذر متأصل في أعماق التاريخ الفلسطيني .. وشجرة كريمة مباركة أصلها ثابت وفرعها في السماء .. إنه نموذج فريد صنع التاريخ ، وعنوان ضخم تضم آلافاً من الأبطال الذين عرفتهم ساحات الجهاد في فلسطين.
الشهيد القائد المقادمة تلك الشمعة المضيئة .. الشعلة المتقدة ، شجرة جذرها يمتد إلى النبوة المطهرة، وهو حلقة في سلسلة كبيرة، وهو زلزال صرخ في وجه الاحتلال الغاشم (لا) فكان البركان.. وهو الذين دفع ثمناً دمه ودموعه وماله .. وهو قد أثبت أن الكف يمكن أن ينتصر على المخرز، وأن الصبر الجميل والجهاد الطويل يملك التصدي لقوى الباطل الجامحة، وهو النماذج الأروع والقدوة الأمثل التي حفرت لشعبنا مكانته اللائقة ومنزلته السامية .. يستحيل على الذاكرة أن تطمس النور الساطع من هذا النموذج الخالد، وأنوار الشهادة والشهداء تعبق ذكره وترفع أسمه.
كانت الشهادة أسمى أمانيه، وكانت دعاؤه الذي لا يتوقف. في الليلة الظلماء غابت الذروة الشماء وافتقدنا البدر الذي رحل، وهو يبني بيت الشموخ والكبرياء، ولما يكتمل البناء بعد، وها هي حلة قشيبة من الشهداء الذين نسجهم الشهيد القائد المقادمة بجهادهم وعلمهم. رحل الشهيد القائد المقادمة بعد أن أسس مدرسة الجهاد والمقاومة، وأصبح معلماً بارزاً وركناً عتيداً في قلعة الجهاد والاستشهاد.
كانت البداية الرائدة في انطلاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وكتائبها على يد أحد مؤسسيها من الرعيل الأول الشهيد القائد المقادمة الذي يهابه الاحتلال... رجل القيادة والقرار الاستراتيجي. ليس غريباً أن يضفي الله من الهيبة على الشهيد القائد المقادمة ما يرفع مكانته بين الخلق، ويدفع الشباب أن يلتفوا حوله، ويجعل المحتلين والمتخاذلين معاً يحسبون له ألف حساب. عرف العالم الشهيد القائد المقادمة القيادة والرأي والقرار والكلمة. وأوصدت الزنزانه عليه سنوات طوال لتحول بينه وبين التمتع بنسمات الحرية، ولو على امتداد ساحة السجن الكبير (فلسطين السليبة) .. وليس غريباً أن تتابعه عدسات وكالات الأنباء، ومسجلات الإذاعات العالمية إذا همس بكلمة أو أومأ بإشارة لأنه صاحب الرأي الحصيف والقرار النافذ والكلمة المسموعة .
الشهيد القائد المقادمة عُرف بين إخوانه بالتخطيط ولم يٌعرف بالصخب، وعُرف ببعد النظر دون الالتفات للتهريج أو اللغط والخصومة وعُرف بالتواضع في مركزه القيادي المرموق، ولم يعُرف بالاستعـلاء. وعرفه إخوانه بصدق التوجه إلى الله وغرس البذور في حقل الله المثمر الذي تنبت السنبلة فيه سبع سنابل وأكثر. ومن هنا ظل الرجل على شموخه لا يطأطئ الرأس، راسخ لا يتزعزع مثل رواسي الجبال. الشهيد القائد المقادمة البداية التي انطلق من رحمها (حماس و القسام) ، فزلزلوا عرش الطواغيت وأعادوا بناء المعادلة.
الشهيد القائد المقادمة ما أجملك وأنت تدخل بوابة القبر وقد اصطفت ملائكة السماء، صفوفاً صفوفاً تنثر عليك الرياحين وتغمرك بالطيب ، ثم ها هو صف الشهداء صلاح شحادة و الجمالين وعماد ويحيى و محي الدين وسهيل وعبد الحكيم وآخرين يطوقونك، لم يتغير فيهم شيئ . يقبلوك من جبينك، ثم يدعونك الآن حتى تستريح من عناء الرحلة، يدعونك تستريح من وعثاء السفر، كانت رحلتك طويلة، آن لهذا الفارس أن يمدد قدميه ويلصق ظهره بالأرض ويغمض عينيه وينام.
الشهيد القائد المقادمة ملحمـة خالدة لا تنتهي... و مدرسة عز نظيرها والمدرسة مشرعـة الأبواب.. تؤذن أن في الطريق سالكين قد سبقوك.. وأن الدرب الممهرة بالدم.. المسيجة بالتضحية.. المعبدة بالجهاد المتنوع اللامحدود لازال فيها متسع للسالكين.. ولازال في الوقت متسع. وإن التوثيق واجب كي تبقى مدرسة الشهيد القائد المقادمة تتوارثها الأجيال كي تحدث أبناءك قصص العظام وتعلمهم أبجديات المقاومة.. وتقدم لهم القدوة شاخصة في دماء العظام النازفة و الأرواح التوّاقة قدوة من ذات العصر الذي تحياه كي لا تعتذر بتغير الأيام والأزمان... القدوة في أولئك النفر العظام الذين تمنطقوا بالشهادة وتسلحوا بالعقيدة.. وقدموا لأمتنا وشعبنا النموذج الأروع.
إذا كانت قرأت قصة الشهيد القائد المقادمة فعد إليها ثانية فهي سلاح في مواجهة النوائب يدفع فيك العزم والهمة... أو ادفعها إلى من أحببت كي تقذف فيه الروح. وأنبأ الجميع أن الشهيد القائد المقادمة مدرسة عظيمة خالدة، وجدير أن يسطر تاريخها بمداد النـــــور والنار ليبقى سجلاً تتوارثه الأجيال حتى يأذن الله بالنصر والتمكيـن.