الوعي الشبابي والمشروع الاسلامي

الوعي الشبابي جزء من الوعي العام، ولكن حسب مفهوم الطبقة الاجتماعية، إن دور العمل الشبابي لا يتحدد فقط في الإنتاج ولكن في الأثر الثقافي والفكري والبنيوي، ومعلوم أن الطبقة الاجتماعية لا يتحدد فقط دورها في الإنتاج، بل بالوعي أو الامتداد الثقافي. ومن هنا فإن العمل الشبابي عمل مطلبي في جوهره تتلخص أهدافه في الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية و تحصين المكتسبات للفئة واستثمارها.

و يهدف المشروع الإسلامي إلى إقامة الدين في الفرد و المجتمع و تنظيم الحياة الاجتماعية على أساس الإسلام لتصدر مختلف السلوكيات و المواقف وفق هذا الأساس. واعتبارا لذلك فالمشروع الإسلامي هو مشروع رباني مصدرا و وسيلة و غاية يجمع بين الخلاص الأخروي و السيادة الدنيوية. تبعا لذلك فقد كان من البديهي أن تنشا علاقة وطيدة بين العمل الشبابي و المشروع الإسلامي بحيث يتم إدماج العمل الشبابي ضمن مجالات المشروع الإسلامي.

إن نجاح المشروع الإسلامي رهين بقدرته على التجذر و التوسع بين الناس و دعوتهم للالتزام بمقتضيات الدين والعمل على إقامة هذه المقتضيات و بحكم إن العمل الشبابي في جوهره دعوة لإقامة العدل من جهة و مجال من مجالات العمل الجماهيري من جهة أخرى فان اندراج العمل الشبابي ضمن الوسائل العامة لتحقيق أهداف و غايات المشروع الإسلامي ينتج بشكل موضوعي و تلقائي في المجتمعات المسلمة.

إن موقع الجماهير في المشروع الإسلامي ليس موقع التابع بل انه محوري ناجم عن كونه مشروع دعوة و هداية للناس و إنقاذهم من الضلال وهو ما يجعل علاقة المشروع الإسلامي بالعمل الشبابي تختلف عن العلاقة التي تسعى القوى الحزبية و التغيرية الأخرى إلى إنشائها و ذلك لكون هذه الأخيرة تعمل وفق نظرة الغائية إقصائية للجماهير عند اتخاذ الفرار الشبابي وتوظيفية استغلالية لطاقات الجماهير عند تنفيذ ذلك القرار الذي سبق أن اتخذته بمعزل عنها.

إن العمل الشبابي بطبيعة الجماهيرية يبقى بوابة أساسية و رافدا هاما من روافد المشروع الإسلامي و ذلك عبر اسهامه في تعميم الفكرة الإسلامية و توسيع حجم المؤمنين به لا سيما وان المصلحة الكبرى للجماهير هي في التزامهم بإسلامهم و تطبيق الإسلام في المجتمع..

إن طبيعة الدولة الحديثة في العالم الثالث خصوصا دولة متسمة بالنزوع نحو الهيمنة على كل القطاعات المجتمع و ضرب المؤسسات المستقلة له وربطها إن وجدت بالسياسات العامة للدولة في مقابل ذلك لا يستطيع المشروع الإسلامي التطور و التمدد إلا إذا استطاع التقليص و الحد من هذه الهيمنة و أن المدخل الحقيقي لتحقيق ذلك هو تقوية المؤسسات المجتمعية المحافظة على استقلالية المجتمع وخاصة الشباب من جهة والعمل على تأسيس المؤسسات اللازمة لذلك من جهة أخرى.