الكاتب : د. علي الاعور
لم يكن يعلم غانتس زعيم ازرق ابيض ان معركته ستكون صعبة جدا مع رئيس حزب الليكود نتنياهو الساحر السياسي الذكي ، صاحب الخبرة السياسية التي تتجاوز خمسة عشر عاما في الحياة السياسية وأخيرا استسلم غانتس سياسيا بكل المقاييس في القانون والديموقراطية لصالح نتنياهو.
غانتس اعلن على مدى سنة كاملة وثلاث جولات انتخابية " لا شراكة مع نتنياهو في حكومة وحدة وطنية" وأضاف " لن نشارك في حكومة برئاسة نتنياهو" ويوم امس وقع بيني غانتس ونتنياهو اتفاق تشكيل حكومة طواريء وطنية وتخلى غانتس عن جميع الوعود التي قدمها للناخب الإسرائيلي وتخلى عن المبادئ والاستراتيجيات التي زعم انه سوف يحافظ عليها خلال الحملة الانتخابية لرئاسة قائمة ازرق ابيض .
أولا : انتصر نتنياهو في تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية والقانونية ، نتنياهو متهم بشكل رسمي بثلاث ملفات جنائية تتمثل بالفساد وفي مقدمتها ملف الرشوة من قبل المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية " افيحاي مندلبليت" وأعاد نتنياهو رئاسة الكنيست الى حزب الليكود ، بمعنى ان أي تشريع او سن قانون لن يتم الا بموافقة نتنياهو على اعتبار انه زعيم حزب الليكود وزعيم كتلة اليمين التي شكلت الحكومة الإسرائيلية.
ثانيا: نتنياهو رئيس حكومة إسرائيلية يمينية بامتياز في برامجها السياسية ، جميع أعضاء الحكومة الإسرائيلية الحالية هم من اليمين ويحملون الفكر والايديولوجيا اليمنية التي تتمثل في برامج الضم والتوسع حتى ان عمير بيرتس وشمولي من حزب العمل انخرطا في كتلة اليمين ومعهم " اورلي ليفي اباكسيس " وهي اليمينية بالفكر والسلوك والتربية على اعتبار ان والدها " دافيد ليفي عضو في حزب الليكود ووزير خارجية إسرائيل الأسبق في زمن حكومة الليكود، وبالتالي فقد وقع غانتس على فرض السيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية والمستوطنات في شهر يوليو القادم 2020.
ثالثا: استسلم غانتس في موضوع اللجنة القضائية واصبح من حق نتنياهو على الموافقة او الاعتراض على تعيين المدعي العام في إسرائيل او تعيين لجنة القضاة في محكمة العدل العليا وهكدا اصبح القانون في يد نتنياهو وان كان وزير العدل من حزب ازرق ابيض فان نتنياهو وحزب الليكود يحق له رفض قرارات وزير العدل " افي نيسنكورون" من ازرق ابيض.
رابعا : انتصر نتنياهو على كل الأصوات التي صوتت في الانتخابات الأخيرة في مارس 2020 والتي قالت " لا لنتنياهو" واكد نتنياهو حتى لو ان الجمهور الإسرائيلي صوت لا لنتنياهو فانني والحديث لنتنياهو استطيع ان اسيطر على أعضاء الكنيست الذين انتخبتموهم وهم حزب ازرق ابيض الحالي وتسبيكا هاوزر ويوعاز هندل واورلي ليفي وعمير بيرتس وشمولي وهكذا اصبح أعضاء الكنيست في واد والجمهور الإسرائيلي الدي انتخبهم و يزيد عن مليون في واد اخر وباختصار نتنياهو يقول للجمهور الإسرائيلي " الديموقراطية في يدي"
والان السؤال المهم : ما هي الخارطة الإسرائيلية السياسية في المستقبل القريب ؟
نجح نتنياهو في تأمين نفسه اما الكنيست واللجنة القانونية الجديدة وبقي امامه تحد كبير امام محكمة العدل العليا فيما لو تقدم أعضاء كنيست او منظمات حقوقية إسرائيلية مثل " منظمة جودة الحكم في إسرائيل " فيما لو تقدمت بطلب التماس للمحكمة العليا بعدم تمكين نتنياهو من رئاسة الحكومة الإسرائيلية اثناء محاكمة نتنياهو على اعتبار انه لا يستطيع إدارة الدولة وهو جالس على كرسي الاتهام/ وهنا أيضا انتصر نتنياهو وحصن نفسه قانونيا وسياسيا وبرلمانيا " ادا اقرت محكمة العدل العليا قرارا بضرورة اعفاء نتنياهو من منصبه رئيسا لحكومة إسرائيل فان الاتفاق مع غانتس يضمن لنتنياهو حل الكنيست والتوجه الى انتخابات رابعة وحتى لو منح غانتس رئاسة الكنيست وقتها يصبح بدون قوة تشريعية على اعتبار ان محكمة العدل العليا قد سبقته في عزل نتنياهو وتبدا المعركة السياسية والبرلمانية من جديد حتى بداية العام القادم لاجراء انتخابات جديدة على اعتبار ان الدولة خلال فترة الصيف تحاول الخروج من ازمة كورونا وتواجه تحديات اقتصادية كبيرة ما بعد كورونا وهكذا يتم نقل كل الملفات الى ما بعد الانتخابات القادمة 2021 .
ومهما يكن من امر فان محاكمة نتنياهو ولوائح الاتهام الموجه له في المحكمة المركزية في القدس سوف تراود مكانها وربما تنتهي بصفقة مع الادعاء العام تنهي فيها جميع ملفات نتنياهو الجنائية وخروجه من الحياة السياسية بشكل محترم على ان يعود اليها اما رئيسا لإسرائيل بعد انتهاء ولاية الرئيس ريفلين او الاب الروحي لحزب الليكود ويرسم سياسات إسرائيل من خلال حزب الليكود من خارج الحكومة الإسرائيلية القادمة 2021.