مستقبل المصالحة

news-details
الأخبار

محمد إبراهيم المدهون 

الانقسام والمصالحة مصطلحان ترسخت، فلسطينية النشأة، رغم أن الانقسامات تعم الأقليم والعالم، ومحاولات تحقيق المصالحة لم تتوقف على مدار أكثر من عقد مضى، ومع متابعة موضوعية متجددة نتحقق أن الانقسام سببه أوسلو وما جره من تباين في البرامج والمشاريع.


أبو مازن في مأزق سياسي متفاقم بسقوط حل الدولتين وانتهاء حقبة أوسلو، وفي أجواء عربدة ترمب ونتنياهو، وماليًا في مأزق أخطر يصل إلى تقدير صهيوني عززه تصريح اشتيه بالانهيار الاقتصادي جراء اقتطاع أموال المقاصة، وقد نسمع قريبًا تراجع نتنياهو وإعادة الأموال كاملة للسلطة؛ المأزق السياسي والمالي قد يدفع عباس لفتح نافذة جديدة للمصالحة.


صفقة القرن تمضي بالتنفيذ دون إعلان عنها لعوامل عدّة، وبعد شطب القدس عن الطاولة، وكذا الجولان، المشهد يذهب نحو ضم أجزاء كبيرة من الضفة والأغوار وفريدمان يمنح (إسرائيل) هذا الحق، وهذه الخطوات جوهر الصفقة، أما غزة فمسار التحرك صعب تجاهها بوجود المقاومة وسلاحها وتردد أطراف العلاقة تجاه شكل التعاطي معها، والمدخل الذي ترتئيه هذه الأطراف الهروب للأمام و إعادة الحياة للمصالحة على قاعدة الشرعية المزعومة وإدارتها للمشهد الغزي، ومن هنا ترقبوا أصوات متزايدة ومتصاعدة بالمصالحة كمشهد لعودة الشرعية إلى غزة.


حتى يتحقق هذا المشهد مصر تبقى حريصة على عدم التجاوب مع أي خطوة حقيقية تجاه واقع غزة، بل وإبقاء التفاهمات مشافهة، وعباس بضغط مصري قد يقدم تنازلات هامشية كورقة سياسية في مواجهة نتنياهو، على ألا تتجاوز هذه التنازلات هيمنته على المشهد الفلسطيني برؤيته العرجاء للمشروع الوطني و إصرار على تطبيق اتفاق 2017م، وليس العودة إلى تفاصيل الاتفاق في 2011م.


ما زال عباس يملك مفتاح المصالحة ويتشدد تجاهها بقدر تساهله في العلاقة مع الاحتلال والتنسيق الأمني، والتحرك تجاه المصالحة منه يأتي كمتطلب ضرورة تفرضها متغيرات المشهد السياسي والتقاطعات الإقليمية والدولية، وليس حرصا منه على إعادة الحياة لبرنامج وطني نضالي يعيد الاعتبار لجوهر القضية كشعب تحت الاحتلال ومن حقه المقاومة لاسترداد أرضه وتقرير مصيره.


سيتحرك ملف المصالحة للأسف ليس على قاعدة وطنية ثابتة، وإنما على أساس متغيرات طارئة سرعان ما تزول وتعود المصالحة كطبخة حصى وملهاة ممجوجة.


" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (يوسف: 21)