كتب رئيس التحرير خالد صادق
من المفترض ان يكون وفد حركة فتح قد وصل إلى القاهرة اليوم الأحد لإبداء موقف من ورقة التفاهمات التي قدمتها القاهرة لوفد حركتي حماس وحركة فتح, والتي جاءت نتاجاً للقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس, ورقة التفاهمات المصرية لاقت قبولا من حيث المبدأ من حركة حماس التي ترغب في إحداث تقدم في ملف المصالحة الفلسطينية, لكن حركة فتح لا زالت تناور وتتنصل من الضغوط التي تمارس عليها عربيا وإقليميا, حركة فتح نفت أن وفدها الذي سيتوجه للقاهرة سيستمع لنتائج لقاءاتهم مع وفد حركة حماس المتواجد في القاهرة منذ أيام، نافية في الوقت ذاته أن يكون هناك أي تقدم ملموس في هذا الملف. حيث قال عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسمها، أسامة القواسمي، إنه «من المبكر الحديث عن أي تقدم في ملف إنهاء الإنقسام، نحن على اتصال مع المصريين بشكل مستمر، وسنستمع منهم لنتائج لقاءهم بحماس».مضيفا «سنتشاور مع الرئيس وقيادة فتح وسنتخذ الخطوات المناسبة، ونأمل أن تكون ردود حماس إيجابية، لنتمكن من إنهاء الانقسام دفعة واحدة وللأبد».
يبدو ان فتح لا زالت في المربع المنفرد, حيث تقبع هناك في الركن البعيد الهادي, وهى تعزف وحدها من دون شركاء أو جمهور, لم تستفد فتح من متانة الموقف الوطني الفلسطيني الموحد, الذي تجسد في غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية, والتي حققت انتصارا جديدا على الاحتلال في معركة الأربعين ساعة التي أبرزت بشكل واضح قدرة الفصائل على تنسيق العمل في الميدان بما يحقق نتائج ايجابية لصالح الفلسطينيين ويربك المشهد أمام الإسرائيليين, الفصائل الفلسطينية كانت تظن ان الرسالة وصلت للسلطة عندما توغلت وحدة خاصة إلى قطاع غزة لتنفيذ مخططات عدوانية ضد شعبنا, ولولا سلاح المقاومة لنفذ الاحتلال مخططه وانسحب بأمان, لكن المقاومة وهى تملك سلاحها أحبطت هذا المخطط وأفشلته وكبدت الاحتلال خسائر كبيرة, لكن السلطة لم تر هذا الانتصار بعينيها لأنه لا يعنيها من قريب أو بعيد, فهي تريد سلاح المقاومة حتى تتحكم بالمشهد لوحدها وكما يحلو لها, وكما قال محمود عباس ما يسرى على الضفة يجب ان يسري على غزة, يعني التنسيق الأمني والسلاح الواحد, والقوة الرسمية الواحدة ليهنأ الاحتلال ويستريح.
منطق السلطة في التعامل مع غزة ليس مقبولا, كما ان موقفها من التعامل مع ملف المصالحة ليس مقبولا, ومنطقها من التعامل مع حماس والجهاد الإسلامي واستثناؤهما من التمثيل في منظمة التحرير والمجلس الوطني الفلسطيني ليس مقبولا, وتعاملها مع فصائل المنظمة التي تعارض سياساتها ليس مقبولا, وتعاملها مع أبناء فتح الرافضين لمسارها التفاوضي وفق خيار السلام فقط ليس مقبولا, وموقفها من التنسيق الأمني مع الاحتلال ليس مقبولا, والاعتقال على خلفية الانتماء السياسي ليس مقبولا, ومنع الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة المحتلة من مجابهة الاحتلال ليس مقبولا, وحل كتائب شهداء الأقصى وتجريمها ليس مقبولا, وقمع المسيرات الشعبية التي تتوجه لاماكن التماس للاشتباك مع جنود الاحتلال ليس مقبولا, وقطع أرزاق الناس ليس مقبولا, وسياسة التقاعد المبكر ليست مقبولة, ومنع الميزانيات المالية عن وزارات غزة ليس مقبولا, وتسليم المستوطنين المتسللين لمدننا وقرانا للاحتلال ليس مقبولا, والتفريط في الثوابت الفلسطينية ليس مقبولا بل هو جريمة سيحاسبكم عليها شعبنا الفلسطيني يوما ما.
لا ادري هل تدرك السلطة ورئيسها محمود عباس ان سياساتها هذه ليست مقبولة, أم أنها لا زالت مخدوعة بالمطبلين والمهرجين وتنابلة السلطان الذي يصفقون لهذه السياسات لأجل مصالحهم الخاصة ومشاريعهم التجارية, عندما يتحول الوطن إلى مشروع تجاري يخضع لمبدأ الربح والخسارة فعلى الدنيا السلام, نحن نريد للسلطة ان تستفيق قبل فوات الأوان, لا أحد سيصبر على كل هذه السياسات الخاطئة التي ترتكبها السلطة بحماقة شديدة, وأول من سيتخلى عنكم هم الحلفاء الذين كانوا يسحبونكم لهذا المربع الخطير, ان آمل المصالحة الداخلية بينكم وبين حماس هو حبل النجاة الأخير الذي يمكن ان يعيدكم إلى صوابية الطريق, أتمنى ان تغتنموا هذه الفرصة وتحققوا مكسبا واحدا لشعبكم بعد كل هذه الإخفاقات التي لازمتكم طوال فترة المفاوضات وعلى مدار أكثر من أربعة وعشرين عاما, أفيقوا من سباتكم واخرجوا من المربع المنفرد يرحمكم الله.