تحليل وأبعاد
أعده أمين سر معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية أ. عبد الله العقاد
7 يوليو 2018
في حوار عميق مع الكاتب السياسي والخبير في الشأن التركي م. هاني أبو عكر حول تأثير فوز أردوغان بالرئاسة وتحالفه بالأغلبية في مجلس الشعب التركي.
وباستهلال بالسؤال عن سبب الاهتمام الكبير بشأن الانتخابات التركية، والفرح العارم في أوساط عربية وإسلامية عريضة بالفوز الذي حققه أردوغان في انتخابات الرئاسة، أجاب بالقول:
"لم يكن الفوز القوي الذي حققه الرئيس رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية المتحالف مع الحركة القومية فوزًا ضد خصوم محليين فحسب، بل كان انتصارًا مزدوجًا وفوزًا مركبًا ذا أبعاد محلية، وأخرى إقليمية ودولية جعلت منه انتصارًا تاريخيًا مؤثرًا على قضايا العرب والمسلمين".
وأضاف قائلاً: "المفاجآت التي حملتها نتائج هذه الانتخابات المبكرة ستفرض نفسها على جدول أعمال الجميع، فبقدر ما أثارت ارتياحًا وابتهجًا في أوساط عديدة، بقدر ما أثارت حسرة وتغيظاً وخيبة أمل عميقة بين العديد من قادة دول العالم ومنهم عرباً ومسلمين".
أما عن السؤال المحوري في تأثير فوز أردوغان على القضية الفلسطينية؟
فأجاب أبو عكر بقوله: "ستكون أولى القضايا الأساسية المحورية والاستراتيجية المفروضة خارجيًا، فهي ترتبط بالأولوية الداخلية الماضية في بناء تركيا اقتصاديا ومحورياً ومركزياً نحو إعادة تركيا للصدارة في الموقف والقرار والقوة والتأثير.."
واستطرد قائلاً: "المجال لا يتسع لسرد مواقف أردوغان المؤكدة لهذا التوجه وقد حفلت ساحته بالكثير من المواقف المشرفة والقوية في دفاعه ومناصرته ودعمه للقضية الفلسطينية فمن داغوس مرورًا بمافي مرمرة، والأبرز رفضه إعلان القدس عاصمة للمحتل قولاً وعملاً بجمع التحالفات، وإقامة المؤتمرات لمواجهة القرار وغطرسة من صاغه، وليس انتهاءً بالدعم في مشاريع إعمار غزة صحياً، وبنية تحتية، وتعليمياً، وإسكاناً، ومنحاً ومساعدات إنسانية، وترميماً للآثار الإسلامية في عموم فلسطين.. وغيرها الكثير".
وعن مستقبل التأثير التركي على القضية الفلسطينية في محاور متعددة سياسية واقتصادية وإنسانية وتنسيقية قيادية، فعن المحور السياسي، فقال:
"يكمن ثأثير الدور التركي المرتقب في زيادة حضوره المؤثر في مواجهة تعسف الاحتلال وعنجهيته، وسعيه المستمر لريادة الدور الإستراتيجي المركزي الذي به يستقطب العرب والمسلمين والأحرار في العالم لنصرة فلسطين والقضايا العادلة، وهذا حقيقة ما جعلنا نحن الفلسطينيين أكثر ثقة بالدور التركي من غيره".
أما عن المحور الاقتصادي، فقال: "قد أعدت تركيا خطتها لتحتل رقماً قياسياً وهي تخرج من الاقتصاديات الناشئة إلى الاقتصاديات المنافسة؛ فتكون الرقم السادس أو الخامس كأقوى اقتصاد عالمي، وهذا ما سيعمل على زيادة مساعداتها للشعب الفلسطيني ودعمها المشاريع الإنتاجية على وجه الخصوص".
أما عن أثر حضورها القوي في الاقتصاد عالمياً، فقال: "هذا ما يجعل لها كلمة مؤثرة، وقوة رادعة تفرض بها إرادتها، وتستقطب تحالفات من خلال موقعها الجغرافي الإستراتيجي ما يؤهلها لتكون دولة قائدة في العالم العربي والإسلامي".
وكان مهماً أن تركيا فتحت أراضيها للاستثمارات الفلسطينية، والتحرك السياسي بحرية للقيادات الفلسطينية، وعند سؤاله عن أثر ذلك سياسياً، أجاب: "قد بنت تركيا بذلك المزيد من الثقة مع السلطة الفلسطينية التي باتت تجد في تركيا أكثر تقارباً وانفتاحاً وتشاورًا من العرب دبلوماسياً وسياسياً ولوجستياً".
أما عن المحور القيادي، فقال أبو عكر إن: "ما تطمح له تركيا، ولم يعد خافياً أو مخفياً، وهو قيادة العالم العربي والإسلامي كتجمع وحدوي اقتصادي تحالفي وأمني تنسيقي، تكون هي القاعدة والأساس، والقيادة والمرجعية والوجهة؛ باعتبارها الأكبر قوة والأكثر مواجهة وتعاطياً إنسانياً، ونصرة للقضايا العربية والإسلامية، والأقدر على فرض نفسها، والتمسك بقرارها، ومجابهة متحديها، والمجاهرة بموقفها".
أما عن المحور الإنساني، فقال: "لعله الأساس في إبقاء العلاقة مع المحتل، وحتّم مراجعة قطع علاقتها مع المحتل فيما قد يكون طلباً فلسطينياً رسمياً، أو لأنه مدخل للجم المحتل من ارتكاب أي حماقة ضد الشعب الفلسطيني"
وأضاف: "إن تركيا بذلك جعلت من نفسها بديلاً وحافظاً أميناً على المقدسات الإسلامية، وأيضا لتقديم مساعداتها الإنسانية، ويفرض نفسه كحليف وكمرجعية وكوسيط قوي ونزيه داعم غير متأمر".
أما عن المحور التنسيقي، فقال: "يعد هذا محورًا أساسياً لفهم ما يعرضه ويطرحه السيد أردوغان والذي يصب في سعيه لإيجاد واجهة تتبنى المواقف وتجمع لها التحالفات، وتبحث لها عن مخرجات أممية وإقليمية ذات أرضية قوية ومؤثرة ومقنعة وثابتة وصادقة ومدافعة".
وخلاصة القول.. فلسطين تحتاج لتركيا القوية المؤتمنة، والمرجعية الصادقة، والقوة المؤثرة المساندة المناصرة لقضيتها العادلة.
وهذا ما يجده الكثيرون في برنامج حزب العدالة والتنمية، والرئيس المنتخب رجب طيب أردوغان الرجل الذي يحمل قدرًا إسلامياً، وعقلاً اقتصادياً، وانفتاحاً برغماتياً، ونهجاً وحدوياً..