قطر في دائرة الاستهداف.. الدوافع والتوقعات

news-details
تقدير موقف

الكاتب / اياد خالد الشوربجي 

في ضوء التطورات الأخيرة المتعلقة بدولة قطر, وما أعلنته كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر صباح الخامس من حزيران/ يونيو الحالي قطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية, وغيرها من الاجراءات والعقوبات التي تشير إلى وجود حملة واسعة ومنظمة ضد قطر؛ نحاول تقدير الموقف في اللحظة الراهنة رغم تسارع الأحداث وصعوبة التكهن بمآلات الأمور.

المؤشرات:

• تجري كل هذه التطورات في أعقاب زيارة ترامب للمنطقة والقمم التي عقدها في المملكة السعودية، وما ظهر من اشارات بتغيرات مهمة في السياسة والاستراتيجية الأمريكية في التعاطي مع مختلف ملفات المنطقة بمقاربات ورؤى جديدة,  ولا شك أن ما يجري هو على أقل تقدير بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة.

• نجاح الإمارات العربية في جر المملكة السعودية لمربعها في ظل الصراع الخليجي الخليجي.

• تشكيل حلف عربي ذو صبغة صهيونية يعمل على إخضاع الأطراف المناوئة له.

• سبقت القطيعة حملة إعلامية واسعة ومنظمة على خلفية التسريبات المزعومة لأمير قطر.

• ورود إشارات واضحة لوجود حملة منظمة ومخططة ضد قطر, ضمن ما كُشف عنه من وثائق مسربة من يريد السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة, وضمن ما يجري من حراك في الولايات المتحدة في هذا الاتجاه من مقالات ومؤتمرات تستهدف قطر, بغية التأثير على صناعة القرار في الولايات المتحدة.

الأسباب:

• محاولة إخضاع قطر وإنهاء دورها وتأثيرها الإقليمي الذي يسير عكس رغبات المعسكر الإماراتي المصري السعودي، الذي يتناغم بشكل كبير مع الانخراط والاندماج الصهيوني في المنطقة, وذلك في إطار حسم الملفات العالقة لصالح المحور الذي تعزز في أعقاب نجاح تيار الردة على الثورات.

• تصفية لحسابات هذه الأطراف وعقابها لقطر نتيجة دعمها لثورات الشعوب العربية ضد الأنظمة العربية التقليدية, واتخاذ قطر خطاً مناوئاً لسياسات وتوجهات تلك الأنظمة, وما نتج عن ذلك من تعاظم الدور والنفوذ القطري في السنوات الأخيرة على حساب ما سُمي في حينها بمحور الاعتدال.

• ثني قطر عن دعم المقاومة في فلسطين وتحديداً حركة حماس، حيث يشكل هذا الدعم عقبة كبيرة أمام تصفية القضية الفلسطينية التي ترى فيها هذه الأنظمة نقطة توتر دائم في المنطقة تؤثر سلباً على استقرارها وبقائها.

• لا يمكن استبعاد جذور الخلافات التاريخية بين كل من السعودية والإمارات مع قطر عن سياق الأحداث, وكذلك الأطماع الجيواقتصادية والجيواستراتيجية لدولة الإمارات في قطر.

التداعيات:

• سنشهد مزيداً من حالة التمزق العربي والتردي السياسي.

• ستشهد المنطقة العربية المزيد من الهرولة باتجاه (إسرائيل) بشكل أكثر جرأة، وبالتالي التغلغل الصهيوني في العالم العربي وتحديداً باتجاه السعودية؛ التي من غير المستبعد أن تقوم بتطبيع علاقاتها علناً (بإسرائيل).

• استفادة حلف إيران من هذا التصدع المهم في منظومة الدول الداعمة للثورة السورية، والدول المشارِكة في عاصفة الحزم في اليمن.

• ستنضم العديد من الدول تباعاً إلى حملة المقاطعة, سيما تلك التي تدور في فلك السعودية والإمارات ومصر سياسياً ومالياً.

• تراجع الدعم القطري للعديد من الأطراف المستفيدة من هذا الدعم على الصعيد السياسي والإعلامي والمالي، ومن أبرز المتضررين الشعوب العربية المتطلعة للحرية والمقاومة في فلسطين وجماعة الإخوان المسلمين.

الخيارات:

1. تحرك أو تحريك بعض الأطراف دبلوماسياً لنزع فتيل الأزمة أو التخفيف من تداعياتها، وقد بدأت محاولات كويتية في هذا الإطار، وقد نشهد مساعي تركية سيما باتجاه السعودية، ويمكن لعُمان أن تلعب دوراً في هذا الصدد, ويمكن دخول أطراف أخرى على الخط.

2. اضطرار قطر لإعادة تقييم سياساتها في ضوء التطورات الجديدة، وذلك باتجاه التراجع وإعادة التموضع نتيجة للضغوط الكبيرة, دون التخلي عن الخطوط العريضة لسياستها. 

3. تكثيف النشاط والمساعي الرامية لإعادة التوازن والتعويض، وذلك بالعمل باتجاه تشكيل نوع من التحالف أو التقارب من بعض الأطراف الدولية والإقليمية مثل روسيا وإيران, وتعزيز الشراكة مع تركيا.

من الواضح أن ما يجري هو استهداف لدور قطر الإقليمي وسياساتها الخارجية, ومحاولة لإخضاع قطر سياسياً وإلحاقها بالمحور السعودي الإماراتي المصري, وعلى الرغم من أن الموقف الأمريكي الحقيقي؛ هو أحد أهم المحددات التي يمكن معرفة مدى وسقف هذه الحملة؛ إلا أن البدائل المتاحة أمام قطر هو الدمج بين الخيارات آنفة الذكر وليس المفاضلة بينها، مع ترجيع العمل بشكل أكبر ضمن الخيارين الأولين كأولوية، على اعتبار أن الخيار الثالث غير مضمون وفرصته ليست كبيرة.