رؤى الساسة الإسرائيليين
العدد/ 4-2016 (نشرة دورية تصدر اسبوعياً)
خاص معهد فلسطين للدارسات الاستراتيجية
التاريخ| 7-6-2016
الرؤية الأولى: يقول (عليت كارب) في صحيفة هارتس الصادرة في 6/6/2016م، لا يمكن تزيين الاحتلال بتعابير أدبية: الاحتلال قبيح، لا حاجة اليه ومُفسد، ويمكن اضافة قائمة طويلة من الوصف، لكن الشيء الأساسي الذي يجعله قائما هو التدخل الخارجي مثل التأييد الامريكي الغير مسبوق لاسرائيل، وايضا اصدار كتاب من قبل افضل الكتاب في العالم، حتى لو بشكل أقل، يمنح الاحتلال بُعدا فنيا.
ليس هناك بُعدا فنيا للاحتلال، ولا يجب أن يكون. نقاش الاحتلال يجب أن يكون بأدوات مهيبة، واذا كنا نريد العيش في الشرق الاوسط، ليس مثل فيلا في الغابة، بل مثل كيان حقيقي مندمج هنا، يجب أن نطمح لحياة مستقلة وبدون وساطة فنية أو غيرها، وهذا يشمل كل شيء: الانفعال التدريجي عن الدعم الامريكي، وقف التبرعات من اليمين واليسار من منظمات كثيرة الشيطان وحده فقط يعرف ما هي أهدافها، والتخلص من النصائح التي تأتي من جهات تعيش في امريكا أو في أي مكان آخر على وجه الكرة الارضية.
الرؤية الثانية: يقول (زلمان شوفال) في صحيفة اسرائيل اليوم الصادرة في 6/6/2016م، رغم سعي فرنسا الحثيث لانجاح مؤتمر باريس إلا أنه لن يكون عدا مناسبة لأخذ صورة مشتركة لوزراء الخارجية الذين شاركوا فيه، كما يوجد انطباع واضح وهو أن اللقاء لم يتحمس له الامريكيون، والدليل أن وزير الخارجية الامريكي كيري لم يوافق سوى على التوقيع على الاعلان الختامي العام الغير ملزم. ويمكن القول إن غياب وزراء خارجية المانيا وبريطانيا وروسيا عن اللقاء هو ايضا اشارة لتحفظهم من المبادرة الفرنسية.
بالنسبة لواشنطن فان تعاطيها مع المبادرة الفرنسية ينبع ليس فقط من رغبة الرئيس اوباما المعلنة في تقليص تدخل الولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وهي لا تقبل سعي باريس الى أخذ زمام الامور – بل ايضا لأنها تفكر في طرح افكار خاصة بها حول الموضوع الفلسطيني. اسرائيل تدرك هذه الامكانية، وضم المعسكر الصهيوني الى الحكومة كان سيسهل عليها في طرح مواقفها الصحيحة.
الفلسطينيون خرجوا راضين من باريس. بالنسبة لهم فان مجرد اللقاء وامكانية استمراره، يخدم هدفهم في تدويل الصراع قدر الامكان، أي الوصول الى حل مفروض بدون مفاوضات وبدون أن يضطروا لتقديم التنازلات. إن هدف فرنسا كان متطرفا وغير متوازنا، أي دفع ضريبة كلامية لمبدأ المفاوضات – ولكن الاعلان مسبقا أن باريس ستعترف بالدولة الفلسطينية في حال فشل المفاوضات. أي دعوة للفلسطينيين لتشديد مواقفهم.
صحيح أن فرنسا أبعدت المسدس عن رأس اسرائيل، لكنها عادت الى النغمة بأن المستوطنات التي هي في نفس الخانة مع الاعمال الارهابية، هي السبب الاساسي وراء الجمود في عملية السلام. واضافوا الى ذلك الدعوة لـ “انهاء كامل للاحتلال الاسرائيلي الذي بدأ في 1967″ – بالتغاضي عن الاسباب التي أدت الى “الاحتلال”، وخلافا لقرار 242 لمجلس الامن في الامم المتحدة الذي اشترط انسحاب اسرائيل من “الاراضي” (ليس كل الاراضي) برسم حدود متفق عليها وآمنة.
الرؤية الثالثة: يقول (آفي يسسخروف) في موقع واللا في 3/6/2016م، لقد تعاظم الغضب في السلطة في أعقاب تقارير وصلت الى رام الله تقول ان مندوبين عن الاسرة المالكة الهاشمية التقوا مع مسؤولين فلسطينيين مختلفين يعتبرون مرشحين محتملين لخلافة ابو مازن مع حلول اليوم، وبالاساس من يعتبر العدو رقم واحد له – محمد دحلان. كما التقى الاردنيون ايضا مع شخصيات فلسطينية اخرى، مثل ناصر القدوة، جبريل والرجوب وآخرين. وقد استقبل هذا النبش الاردني في السياسة الفلسطينية قبيل اليوم التالي لابو مازن بشكل سلبي على نحو خاص في المقاطعة. ولعل هذا التوتر بالذات بين رام الله وعمان يجسد كم هي فكرة الكونفدرالية لا توشك على التحقق قريبا، لاستياء بعض من “شيوخ الضفة” الذين يشتاقون بين الحين والاخر للايام التي كان فيها الملك حسين صاحب السيادة وكان الفلسطينيون وزراء في الحكومة الاردنية وممثلين في البرلمان.
الرؤية الرابعة: يقول (رفيت هيخت ) في صحيفة هآرتس الصادرة في 3/6/2016م، أحاديث نتنياهو وليبرمان عن السلام ما هي إلا فقاعات في الهواء تهدف الى تخفيف الضغط الدولي عن اسرائيل.
رياح السلام تهب هنا وهي في ذروتها، اقوال في الهواء، رئيس الحكومة يتعرض في الوقت الحالي لضغوط كثيرة لعدة اسباب على رأسها الضغط الدولي الشديد الذي قد يتزايد مع نهاية ولاية اوباما، وايضا فرصة حقيقية لتدويل الصراع بواسطة المبادرات مثل المبادرة الفرنسية. عبد الفتاح السيسي الذي لديه مصلحته الشخصية حول تقوية مكانته الدولية، جاء لنتنياهو مثل المعجزة من السماء، كامكانية لعملية سياسية بديلة تسمح باهدار الوقت. مبادرة اقليمية، مؤتمر اقليمي – كل ما يأتي مرغوب به.
اذا تفضل أحد ما وفحص فسيكتشف أن الفلسطينيين، الطرف الذي يجب صنع السلام معه، ليسوا في صورة الوضع. إنهم يعتبرون اقوال السلام هذه بالون اسرائيلي من اجل ازالة الضغط الدولي لانهاء الاحتلال.
الرؤية الخامسة: يقول (ناحوم برنياع) في صحيفة يديعوت الصادرة في 6/6/2016م،لا يوجد في هذه اللحظة سلام؛ ولا توجد حتى مسيرة. في ضوء هذا الواقع ، السؤال هو ما الذي تكون اسرائيل مستعدة لان تفعله على الارض، من طرف واحد، الان، لصد تحولها الى دولة ثنائية القومية، دولة ابرتهايد. هذا هو السؤال الذي يتعين على هرتسوغ ان يطرحه على نتنياهو، وهذا هو السؤال التي سيطرحه العالم في نهاية المطاف على اسرائيل.
الرؤية السادسة: يقول (ايال زيسر ) في صحيفة اسرائيل اليوم الصادرة في 6/6/2016م، لقد تلقى رئيس تركيا طيب رجب اردوغان، ضربة اخرى، كانت هذه المرة من المانيا حيث صادق البرلمان في الاسبوع الماضي على قرار الاعتراف بالمذبحة ضد الارمن والتي قام بها جنود اتراك في الحرب العالمية الاولى، واعتبارها ابادة شعب.
المانيا ليست الاولى ولن تكون الاخيرة في اتخاذ قرار كهذا. فقد سبقتها مجموعة طويلة من الدول وخصوصا دول اوروبية ومؤسسات دولية، أعلنت منذ زمن عن ابادة الشعب الارمني. يبدو أن اعلانا مشابها من الولايات المتحدة ما هو إلا مسألة وقت. إلا أن واشنطن قلقة على مستقبل التحالف الاستراتيجي بينها وبين أنقرة، وهي ايضا تتأثر بشكل أقل من الرأي العام الذي يركز أصلا على المشكلات الامريكية الداخلية.