تقرير صادر عن معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية الحروب الثلاثة على غزة وآثارها الاستراتيجية

news-details
الأخبار


نظم معهد فلسطين للدراسات الإستراتيجية التابع لمؤسسة إبداع ومركز الدراسات الإقليمية في فندق الكومودور في قطاع غزة يوم الخميس العاشر من أكتوبر 2015 يوماً دراسياً بعنوان "الآثار الاستراتيجية للحروب الثلاث الأخيرة على غزة في ظل التحولات الإقليمية"، بحضور نخبة من المفكرين والأكاديميين والمتخصصين في الشأن السياسي والعسكري والإعلامي

وقد ناقش اليوم الدراسي ثمانية أوراق علمية توزعت على جلستين، ومن أبرز المحاور التي تم مناقشتها خلال اليوم الدراسي أسباب وعمليات ونتائج عدوان 2008 و2012 و2014، والوسائل والأسلحة الإسرائيلية والفلسطينية الاستراتيجية المستخدمة في الحروب الثلاثة، وعلاقة التحولات الإقليمية وتأثيرها على المقاومة، كذلك الأثار الإستراتيجية المترتبة على الحروب الثلاثة الأخيرة، وقراءة تقييمية للتغطية الإعلامية الدولية خلال الحروب الثلاثة على غزة. 

الجلسة الافتتاحية

 في البداية تقدم د. رفيق أبو هاني، رئيس اللجنة التحضيرية لليوم الدراسي حيث رحّب بالحضور، واستعرض أبرز النقاط التي سيتناولها برنامج اليوم الدراسي، مشيراً إلى إستبسال المقاومة الفلسطينية في مواجهة الجيش الإسرائيلي في الحروب الثالثة الأخيرة من خلال تحطيم المقاومة لإستراتيجيات الردع الإسرائيلية وسير المقاومة في تنفيذ مبادئها الاستراتيجية.

 وأوضح نحن الآن بحاجة إلى قراءة عميقة وعلمية لتجربة المقاومة الفلسطينية خلال الحروب الماضية لتعطي الكفاح المسلح حقه بوصفه رافعة للنهوض الوطني، ومن دونه كان من الصعب بقاء القضية الفلسطينية حية، ولكي نعظّم النجاح ونتفادى الخلل، ومن هنا كان لابد من عقد اليوم الدراسي.

وألقى د.محمد رمضان الأغا رئيس مجلس إدارة مؤسسة إبداع للدراسات والتدريب، كلمة وأكد على أن الاثار الاستراتيجية للحروب الثلاثة مرتبطة بالزمن، والزمن جزءاً هاماً في التقييم الاستراتيجي للحرب أو لأي عمل وقد يكون التقييم بعد سنة أو سنتين أو ثلاثة لكن أثاره تظهر بعد سنوات وها نحن اليوم بعد سنوات من الانتفاضة الأولى وخلال تقييمنا الاستراتيجي لها فإنها تعد الروح الذي يسري في جسد هذا الشعب بل في كل جسد الأمة.

وقال: استراتيجية العدو واستراتيجية المقاومة هما استراتيجيتان متضادتان فالعدو يبحث عن استراتيجية مضادة لاستراتيجية المقاومة والمقاومة تبحث عن استراتيجية مضادة لاستراتيجية العدو، وهكذا هو صراعاً استراتيجياً من بدايته حتى نهايته والنصر في الصراع الاستراتيجي لصاحب الإرادة وشعبنا صاحب الإرادة لأنه يقاوم وما زال يقاوم منذ قرن من الزمن بل إرادة الشعب الفلسطيني تزاد يوماً بعد يوم. 

وتابع الأغا ما بين ست أو سبع سنوات شن العدو الصهيوني ثلاثة حروب على قطاع غزة لتحقيق هدفاً كبيراً هو القضاء على روح المقاومة وليس على المقاومة لكنه نسى أو تنسى بأن روح المقاومة من أمر الله ولا يمكن أن يقضى عليها العدو. 

ومن جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة مركز الدراسات الإقليمية على العامودي أن اليوم الدراسي يأتي لإعداد دراسات حصيفة بما في الواقع من إيجابيات وسلبيات وتحديات وفرص، وبعيدًا عن النظرة الوردية.

وأضاف: "نعلم أنه عندما تنشأ ثورة ومقاومة، يبرز عدد من التحديات، لكن تجربة التنسيق الأمني انفردت بها التجربة الفلسطينية، وهي أخطر ما مر على الثورة والحركة الوطنية الفلسطينية، وقد كان قديماً تناقضات وصراعات داخلية مع دول عربية مجاورة، لكن يبقي التحدي الأكبر مع العدو الصهيوني".

بدوره أكد د. محمود الزهار ضيف اليوم الدراسي أن المقاومة في غزة تفوقت وامتازت بحرب المدن.

واستعرض نظرية الأمن القومي الإسرائيلي والتي تقوم على أربعة محددات: "الردع، والتفوق العسكري، والحرب الخاطفة، والأمن لأرض إسرائيل بكل الحروب"، مبينًا أن تلك المحددات اخترقتها المقاومة الفلسطينية بغزة.

وتساءل خلال حديثه، هل حققت تلك النظرية الأمن للاحتلال، وهل كسرت إرادة المقاومة الفلسطينية؟، قائلاً: "من 2006 إلى 2014 والردع لم يتحقق في المقاومة الفلسطينية".

ولفت الزهار إلى أن قوة الردع الإسرائيلية تحقق مع بعض الدول المحيطة، وقال: "ليس هناك دولة الآن تشكل تهديدًا للعدو الإسرائيلي، بل هناك دويلات"، ذاكرًا عددًا منها كحزب الله وحركة حماس وبعض الفصائل الجهادية.

وأضاف: "المعركة باتت الآن بين تنظيمات ودولة عظمى"، لافتًا إلى أن نظرية الأمن الصهيوني الجديدة بنيت على صمود المقاومة وأهل غزة، فالمؤشر الحقيقي للانتصار هو خروج الطفل من تحت الركام وهو يهتف للمقاومة.

وأوضح أن قانون الحروب الآن هو حرب المدن، وقال: "أجادت المقاومة في لبنان حرب المدن، وامتازت بها المقاومة في غزة، فهم لم يستطيعوا الوصول لشبر واحد بالحرب الأخيرة".

وبين أن الاحتلال بنظرية أمنه الأخيرة يريد حرباً برية يسهل بها الانتقال بسرعة، وتهكم على هذا البند قائلاً: "كان نفذتها في الشجاعية، ورفح، وبيت حانون، وعندما حاول السيطرة على بعض أجزاء من رفح، فقدوا أجزاء من جيشهم".

نتائج الجلسات

بعد مناقشة محاور اليوم الدراسي السياسية والعسكرية والإعلامية والقانونية والتقييم الاستراتيجي، قدم اليوم الدراسي مجموعة من النتائج على الصعيدين الفلسطيني والإسرائيلي، للحروب الثلاثة على غزة، ومنها ترسيخ "دور حركة المقاومة الإسلامية حماس على الخريطة السياسية الفلسطينية ورفعت من مكانتها في أي مفاوضات قادمة".

ومن النتائج التي أكدها اليوم الدراسي، انحسار النفوذ الأمريكي وزيادة الدور الأوروبي في الشرق الأوسط وبوادر حدوث تحالفات جديدة، وأن الحرب أظهرت أن (إسرائيل) ليست بالدولة التي طالما أثارت الرعب في العالم العربي، وبأنها قوة الجيش الذي لا يقهر، بل إنها قوة يمكن قهرها وهزيمتها، وكان لظهور مصطلح توازن الرعب دور في الوصول إلى هدنة بين (إسرائيل) وفلسطين.

ومن بين نتائج العدوان على القطاع، اهتزاز الصورة الذهنية للدولة العبرية في العالم وزيادة المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية، بما يشكل لوبيًا أوروبيًا ضد (إسرائيل) يمكن استغلاله عربيًا في المستقبل.

وبحسب اليوم الدراسي، فإن من نتائج الحروب العدوانية الثلاث الأخيرة على القطاع، أنها زادت شعبية حركة حماس وقوى المقاومة وقادتها بينما تراجعت شعبية الليكود الإسرائيلي بزعامة بنيامين نتنياهو.

كما أكد أن من نتائج الحروب العدوانية الثلاث الأخيرة على القطاع، تراجع الجاهزية القتالية الإسرائيلية وضعف مفهوم الردع بمعنى أنها تملك إمكانات تدميرية هائلة في ظل تراجع في أداء الجندي القتالي نتيجة تدني روحه المعنوية بسبب صمود المقاتل الفلسطيني بدليل أنه أعلن غير مرة عن نيته احتلال غزة أو أجزاء منها وفشل، وضعف إمكانية خوض (الاحتلال) حربًا طويلة وفشل التعويل على استخدام القوة المفرطة والحسم من الجو واستخدام الوسائل المحرمة دوليًا وباعتراف قادة (إسرائيل) أنهم استهلكوا آلاف الأطنان من المتفجرات ضد غزة لكنها بقيت صامدة وفشلوا في تحقيق أهدافهم ووسموا بمجرمي حرب نتيجة لذلك.

ومن نتائج الحروب العدوانية الثلاث، بحسب اليوم الدراسي، فشل (إسرائيل) في تصدير الحرب الخاطفة، ففي اعتداءاتها السابقة التي بدأتها لكنها لم تتحكم بمجرياته وقد خططت لساعات وأيام للحسم واستغرقت أسابيع وشهورًا.

ومن النتائج، فشل الاحتلال الإسرائيلي في فصل المقاومة عن حاضنتها الشعبية، وفشل أجهزته الأمنية والاستخبارية في جمع المعلومات وفي تقدير حجم القوة الفلسطينية وإمكاناتها وخططها.

كما أكد اليوم الدراسي، الإخفاق الإعلامي الإسرائيلي واستحواذ أجهزة الاحتلال الأمنية على صياغة الخبر واعتماد الإسرائيليين على الخبر الفلسطيني.

ومن النتائج، تراجع ثقة المجتمع الإسرائيلي بقدرة جيشه على حمايته خاصة مستوطني غلاف غزة. 

الختام والتوصيات

بعد معرفة التكتيك والاستراتيجية العسكرية للمقاومة الفلسطينية وكذلك للجيش الإسرائيلي خلال الحروب الثلاثة وتقييم نقاط الضعف والقوة لدى الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية خرجت جلسات اليوم الدراسي بمجموعة من التوصيات وكان من بينها وضع حد للخلافات الفلسطينية القائمة وإنهاء حالة الانقسام بين الضفة والقطاع لمواجهة التطورات الإقليمية والتحالفات المستقبلية القادمة، وتشكيل هيئة قانونية توكل إليها قضية التحضير لشكاوى عدة أمام الدول التي تقبل شكاوى للانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف والمحكمة الجنائية الدولية، وتوحد الجهود بين الضفة المحتلة وقطاع غزة لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني والموازنة بين عمل المقاومة والعمل السياسي بما يحقق المصالح الوطنية، والاهتمام بشكل أكبر بالإعلام المقاوم وتعزيز دوره ليواجه إعلام العدو، وتعزيز التحالفات السياسية بما يضمن زيادة الضغط على العدو وإجباره للخضوع بعد الهزيمة العسكرية.