كسرت أخبار خطف وقتل الجنود لإسرائيليين صمتاً مذهلاً وشكلت ضربة قوية هزت النفوس وأيقظت المشاعر والأحاسيس الوطنية، وبثت في الناس آمالاً جديدة تمزج حب الوطن بمتطلبات التضحية والفداء في ظل محاولة إسرائيل مع السلطة الفلسطينية دائما أن تنقلا رسالة للناس مفادها أن المقاومة هي سبب معاناتهم، ولولا المقاومة لما قامت إسرائيل بأعمالها القمعية، أي أنهما تعملان على تحميل المقاومة المسؤولية وليس الاحتلال.
وقد شرعت إسرائيل بحملة مداهمات واسعة في الضفة الغربية بشكل عام ومدينة الخليل بشكل خاص منذ أول يوم للعملية العسكرية التي عقبت عملية الخطف حيث قامت قوات الاحتلال بتفتيش عدد من المنازل واعتقال قادة حركة حماس ولم تتوقف العملية العسكرية بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عثوره على جثث الجنود المقتولين بل بقيت العملية مستمرة وتوالت تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الغاضبة، وطالبوا بشن حرب على قطاع غزة، والانتقام وتوجيه ضربة موجعة لحركة حماس.
وبناء على متابعة معهد فسطين للدراسات لمجريات العملية العسكرية عن كثب شرع المعهد في إعداد تقدير موقف لمعرفة أهداف العملية ........
• أهداف إسرائيل من العملية العسكرية في الضفة الغربية.
1. تدمير البينة التحتية لحركة حماس في مناطق الضفة الغربية قبل دخول الحركة للانتخابات المتوقعة في بداية السنة المقبلة.
2. إبعاد الأنظار عن مأزق المفاوضات والعملية السياسية والانتقادات الدولية الواسعة لإسرائيل بسبب ممارساتها الاستيطانية والعنصرية، والتركيز على الجانب الأمني حيث ستُظهر إسرائيل نفسها بمظهر الضحية.
3. إفشال حكومة التوافق الوطني من ممارسة عملها ما بين غزة والضفة وبالتالي إفشال المصالحة المتعثرة أصلاً.
4. إظهار السلطة الفلسطينية بمظهر العاجز عن القيام بمسؤولياتها الأمنية، بالرغم من أن العملية جرت في منطقة (ج) الخاضعة للإشراف الأمني الإسرائيلي.
5. إضعاف السلطة في الضفة وإذلالها وزيادة الشرخ بينها وبين الشعب، حيث تقف السلطة موقف المتفرج على الإجراءات الإسرائيلية العقابية ضد الفلسطينيين دوت تحريك ساكن.
6. إخراج نتنياهو من أزمته الحكومية، حيث سيجد تأييداً كبيراً لأي عمل يقوم به ضد الفلسطينيين سواء تعلق الأمر بالمفاوضات أو بالقدس أو ضم مناطق من الضفة.
7. كسر حالة التأييد والتعاطف الدولي مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، أو على الأقل إبعاد الأنظار عن قضيتهم ومعاناتهم.
8. القيام بإجراءات أمنية وعملياتية في الضفة والقدس، كتكثيف عمليات الاعتقال، تشجيع اليهود على فرض أمر واقع في المسجد الأقصى، تكثيف الاستيطان، زيادة الحواجز والمناطق الأمنية، مطالبة أجهزة السلطة بمزيد من التنسيق الأمني، ولا نستبعد قيام إسرائيل بضم بعض المناطق الفلسطينية لها.
• موقف حماس مما يجري من أحداث الضفة
1. هناك انضباط كبير داخل حماس حول قرار التزام الصمت فلا أحد يتحدث ولا يدلي بتصريحات جوهرية اتجاه العملية حيث مارست تكتيك مذهل وجعلت القادة الإسرائيليين في هستريه تحليليه لمعرفة الجهة التي تقف وراء العملية وهذا أدى الي تعقيد الأمور وكتفاء حركة حماس بالثناء على العملية باعتبارها حق طبيعي للشعب الفلسطيني لتحرير الأسرى من سجون الاحتلال.
2. حاولت حركة حماس تخفيف ما يجري لها في الضفة من خلال السماح للمقاومة بإطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة
3. استثمرت حركة حماس الأحداث الجارية في الضفة لفضح السلطة لما تقوم به مع الكيان الصهيوني من تنسيق أمني مدمر.
• الموقف الإسرائيلي السياسي من العملية العسكرية وجبهة غزة
يرى العديد من المحللون الإسرائيليون أنه ليس من مصلحة إسرائيل الدخول في حرب شاملة مع حماس في غزة لأنها لم تخرج حماس بعد أي حرب أفضل مما دخلتها في 2008أو 2012 وقتل المستوطنيين ليست عملية استراتيجية تحتاج إسرائيل أن تذهب إلى الحرب في غزة من أجلها فأن أي عملية برية ضد القطاع ستضع منطقة "تل أبيب" والمدن الساحلية في مرمى الصواريخ الفلسطينية.
محللون سياسيون إسرائيليون آخرون وجهوا انتقادات لاذعة لمراهنات حكومة نتنياهو على إمكانية أن تؤدي الحملة العسكرية لإفشال حكومة الوفاق بين "فتح" و"حماس"، وشككوا من حيث المبدأ في أن يكون إسقاط هذه الحكومة يصب في المصلحة الإسرائيلية، لأن ذلك سيجر تبعات غاية في الخطورة على مستقبل السلطة الفلسطينية، في ظل عدم استبعاد احتمال تفككها وانهيارها جراء ما تواجهه من ضغوط سياسية واقتصادية وأمنية، وارتفاع حدة الانتقادات لها لدى قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني، تركزت مؤخراً على شخص الرئيس محمود عباس.
وإذا كانت العديد من التجارب في مجرى الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي تدلل على أن الحكومات الإسرائيلية تميل إلى استخدام وتوظيف القوة في مآزق مشابهة، غير أن الانجرار إلى مواجهة عسكرية مفتوحة ضد قطاع غزة سيعرض إسرائيل لمأزق أعمق، في علاقاتها الإقليمية والدولية، فأي عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق ستقابل بردود فعل رسمية غاضبة في القاهرة وعمان والرياض، ولن تكون محل رضا لدى واشنطن والعواصم الأوروبية لأنها ستخلط الأوراق في المنطقة، وستزيد من حدة الضغوط على رئاسة السلطة الفلسطينية
• في ظل هذه المعطيات فقد رأى معهد فلسطين بأن السيناريوهات القادمة ستكون على النحو التالي:
السيناريو الأول: استمرار إسرائيل في إجراءاتها القاسية والهمجية في الضفة الغربية، رغم تذبذب وتيرة سير العملية العسكرية بين الارتفاع والانخفاض، ويتضح ذلك من خلال التباين في تصريحات القادة الإسرائيليين فيما يتعلق باستمرار أو توقف العملية العسكرية في الضفة الغربية فهناك تصريحات إسرائيلية تؤكد على ضرورة موصلة البحث باستخدام القوة وكافة الوسائل وفي المقابل خروج تصريحات تعلن عن انخفاض أو شبه توقف للعملية العسكرية، فهنك العديد من الأسباب التي تدفع نحو انخفاض وتيرة العملية وأخرى تدفع نحو ارتفاع وتيرتها وهي:
* الأسباب التي قد تدفع نحو انخفاض وتيرة العملية
1. الكتفاء بالنشاط الاستخباري الفلسطيني مكثف لصالح الأمن الإسرائيلي على قاعدة التنسيق الأمني المقدس يوازيه نشاط استخباري إسرائيلي.
2. عمليات عسكرية موضعية ضد أهداف بعينها في الضفة الغربية، بناء على معلومات يتعاون الإسرائيليون وأجهزة أمن السلطة في تجميعها.
3. تغيرات دراماتيكية شعبية في الضفة الغربية، شملت عناصر كثيرة من حركة فتح، تنبئ بحراك شعبي ضد السلطة الفلسطينية هناك، وضد عباس شخصياً بصفته المنظّر الأكبر للرواية الإسرائيلية والمدافع الأهم عنها.
4. يخشى الاحتلال من انفجار الأمور وتحولها إلى انتفاضة ثالثة يصعب السيطرة عليها.
5. استمرار العملية دون تحقيق الأهداف سيزيد من حالة الفشل الإسرائيلي، وفقد ثقة الشارع الإسرائيلي بالقيادة السياسية والأمنية، ما يراكم حالة انعدام الثقة وتحقق الردع الفلسطيني الذي تصاعدت منذ العدوان الإسرائيلي على غزة شتاء 2008/2009.
* الأسباب التي قد تدفع نحو ارتفاع وتيرة العملية
1. إثبات كفاءة وقوة الجيش الإسرائيلي.
2. إنقاذ حكومة بنيامين نتنياهو من الانهيار.
3. ردع المقاومة ومنع تكرار عمليات الخطف.
السيناريو الثاني: عدم شن إسرائيل حرب شاملة وموسعة على قطاع غزة والكتفاء بشن غارات خاطفة، وضرب القدرة الصاروخية للمقاومة، وقد يتطور إلى استهداف قيادات المقاومة، بالاغتيال، ويعود ذلك للأسباب التالية:
1. الاحتلال يركز على معرفة مصير الجنود الثلاث ويكثف البحث في الضفة الغربية، فلن يفتح جبهة جديدة قبل الحصول على معلومات مؤكدة حول مصير الجنود إما قتلى أو أحياء.
2. حالة الغليان في الضفة الغربية وتوتر الأوضاع قد يفجر انتفاضة جديدة في الضفة الغربية وتضعف من سيطرة السلطة على الضفة الغربية، والاحتلال لا يريد إشعال الضفة الغربية لذلك يسعى للمحافظة على الهدوء فيها.
3. لا يوجد أهداف لأي عدوان على قطاع غزة والحديث عن قوة الردع الإسرائيلي حساباتها مختلفة في القطاع في ظل تطور قدرات المقاومة، فالحسابات لم تعد كالسابق ومفاجآت المقاومة قد تغير قواعد اللعبة
السيناريو الثالث: قيام إسرائيل بشن حرب علي قطاع غزة في إحدى الحالات التالية:
* مبادرة المقاومة بعمل نوعي ضد الاحتلال فيقرر الاحتلال الرد على المقاومة بشن عدوان.
* تواصل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على الأراضي المحتلة عام 1948 وارتفاع وتيرتها.
* معرفة مصير الجنود المفقودين وإثبات أن المقاومة بالقطاع على علاقة بالعملية.
* يرى معهد فلسطين للدراسات بناءاً على دراسته للوضع الراهن وللأحداث الجارية ظل التصعيد العسكري ضد قطاع غزة ليس مستبعداً، ما بين فكي كماشة: بحث حكومة نتنياهو عن مخرج من فشلها في حل لغز اختفاء المستوطنين الثلاثة، ومدى قدرة "حماس" على ضبط النفس واستيعاب حدة الحملة العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية.
في الضفة الغربية وقطاع غزة أن السيناريو الثالث والمتمثل في "عدم شن إسرائيل عدوان شامل وموسع على قطاع غزة خلال الأيام القادمة" والسيناريو الرابع والمتمثل في "توقف الحملة الإسرائيلية في الضفة" هما الأرجح وأكثر واقعية على الأرض وذلك بسبب التفسيرات السابقة التي وضحت كلاهما.
• ما هو المطلوب من حماس القيام به أمام ما يجري من تدمير لها في الضفة؟
أمام حركة حماس الخيارات التالية: _
أن السيناريوهات القادمة مرتبطة بما تريده حركة حماس، وتسعى إليه من خلال المواجهة مع إسرائيل.
وتابع:” هل تريد حركة حماس الذهاب نحو التصعيد والمواجهة الكبرى؟ أم ستكتفي بالرد المحدود على أي عمليات إسرائيلية قادمة؟.. كل الاحتمالات تبقى مفتوحة، هل نحن أمام حرب ثالثة؟ تصعيد قوي وعنيف؟ كل هذه الإجابات تحملها الأيام القادمة والحسابات على أرض الميدان”.
الخيار الأول: الانتظار والصبر لمعرفة مألات الحملة الى أين؟ فعملية الأسر بحد ذاتها عمل موجع لإسرائيل ويجب الانتصار بالصبر على العدو وفي الوقت الراهن لا يجب أن تقوم حركة حماس بقطاع غزة بفتح جبهة مع الكيان، فالكيان في الوقت الحالي مجروح ولابد لحماس فالمرحلة الحالية أن تجنب المواجهة مع أي طرف خاصة مع الاحتلال للأسباب التالية:-
1. الظرف الإقليمي سيء جداً خاصة بعد أحداث العراق وهذا السبب جعل من حركة حماس عدم الإفصاح بشكل رسمي عن العملية، فهي لا تريد أن تعطي نتانياهو ذريعة لاستغلال الظرف الاقليمي حتى الدولي لتوجيه ضربة قاسية.
2. في نفس الوقت تسعى حماس إلى تأكيد المصالحة والتخلي عن السلطة وتسليمها للرئيس عباس بالرغم من محاولة الأخير التهرب من الالتزامات المالية المترتبة على المصالحة، وكما أنها تتجنب الاصطدام بالرئيس عباس بالرغم من موقفه المرفوض شعبيا من قضية الخطف حتى ولو لم تكن العملية أصلا.
3. غياب أي معلومات أمنية في الوقت الراهن عن العملية هو فعل متعمد حتى لا يتم تأويلها على انها صنع المخابرات الإسرائيلية.
4. حماس تبدو في عين العاصفة هذه اللحظة ومطالبة وبأكثر من أي وقت بالبقاء بعيداً عن أي استهداف جاد وخطير.
الخيار الثاني: على حماس ان تضع حادثة اختفاء المستوطنون الثلاثة خلف ظهرها وتتعامل بموجب ما هو مطلوب منها كحركة مقاومة في الدفاع عن ابناءها ويجب ان لا تتركهم لقمه سائغه للاحتلال ويجب ان يكون هناك رد قوى من حماس اعلامياً وعملياً للتخفيف عن عناصرها في الضفة لوقف ما يجرى دون التطرق ابدا للحادثة( الاختفاء) فحماس لم تتبنى هذه العملية ولا يوجد هنالك دليل واحد ضدها وصمتها كان رسالة بليغة في وقت من الاوقات تجاه هذه الحادثة لكن من غير المقبول بقاء الصمت على ما يجرى في الضفة من عدوان لم يسبق له مثيل على حماس ان يكون لها موقفاً قوياً رادعاً ، بتصريحات عباس (لصالح المستوطنين) في جده اعطى مجال لحماس للرد، والرد القوي طالما هو تخلى عن مسؤوليته في الدفاع عن شعبه وبدل من ادانه اجراءات الاحتلال لوقفها وفضحها والحديث عن الاسرى تبنى موقف الاحتلال بالبحث عن مستوطنين هم اصلا اختفوا في اراض ليس تحت سيطرته او في حدود سلطته المنتهكة الدبن يخشون على المصالحة نقول أي مصالحة تتحدثون عنها وغزة غير معترف بها لا من رامي الحمد الله ولا عباس، مجرد التفكير في زيارة غزة غير موجود ولا ننسى ايضا عدم التوصل لحل لازمه الموظفين إذا لابد من ان تثبت حماس الان انها ذهبت للمصالحة قوية كما كانوا يقولون وللتفرغ للمقاومة وهذا أول اختبار لحماس بعد الحكم.
* في ختام تقدير الموقف يوصي معهد فلسطين للدراسات حركة حماس بضرورة تبني الخيار الأول القاضي بضرورة الانتظار والصبر لمعرفة مألات الحملة الى أين؟ نظراً للأسباب المذكورة أنفاً ونظراً لواقع حركة حماس الذي يوصف بالواقع الحرج في ظل المتغيرات الجارية المحلية والإقليمية.
ويتوقع معهد فلسطين أن تنفذ إسرائيل أكثر من سيناريو في إطار ردها على ما حدث في الضفة من خطف وقتل الجنود في المرحلة المقبلة خاصة ضد حركة حماس إنّ طبيعة المواجهة بين حركة حماس وإسرائيل مفتوحة على كل الاحتمالات والسيناريوهات، وقد تشهد أكثر من منحى واتجاه
السيناريو الأول: تنفيذ سياسة اغتيالات مركزة تطال قيادات رفيعة في حركة حماس ويعتبر هذا الفعل تنفيس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو لغضب الشارع الإسرائيلي الذي يشعر بالسخط من قادته السياسية والعسكرية وقد تزداد وتيرة الرد بين الجانبين، وعدم اكتفاء إسرائيل بثمن الاغتيالات وفي حال تم ذلك، ستدفع الأمور نحو مزيد من التدهور الأمني الذي قد ينتهي بمواجهة كبرى بين الطرفين.
السيناريو الثاني: هو إبعاد قادة حركة حماس في الضفة الغربية، إلى قطاع غزة، لتفريغ الضفة من أي وجود لحركة حماس.