مقدمة
يعتبر البحر الميت من اسمه بحيرة لا قيمة لها تشكل جزءاً من الحدود بين إسرائيل والأردن، شديدة الملوحة، إذ تبلغ نسبة ملوحتها تسعة أضعاف ملوحة المحيط، ولذلك تنعدم فيها وحولها مظاهر الحياة، وتتزايد ملوحتها باستمرار رغم أن نهر الأردن يصب فيها بعض مياهه العذبة، وكذلك جداول مائية أخرى، ويمتد البحر الميت بطول حوالي 85 كم فاصلاً الأردن عن إسرائيل، وبعرض1،8 كم في المتوسط، كما يقع مستواه تحت سطح البحر بحوالي 993 مترا، ولذلك يعتبر أكثر الأماكن انخفاضاً في العالم.
و يدرك الكثيرون أن مشروع ربط البحار كان أحد أحلام أو نبوءات الزعيم الصهيوني تيودور هرتزل التي طرحها، وإن كان طرحها بشكل مختلف في كتابه "الأرض الموعودة" والذي نشره عام 1902، حين تحدث عن قناة لوصل البحر المتوسط (من هاديرا) بالبحر الميت، حين قال: "فعلا سيكون هذا مشهدا رائعاً للغاية، مع انسياب المياه بوفرة إلى أسفل على التروس البرونزية العملاقة للتوربينات التي تتحرك بسرعة فائقة وصاخبة ومنها تخرج قوة الطبيعة التي تم وقفها والسيطرة عليها لتنقل إلى مولدات التيار الكهربائي، ومن ثَمّ وبسرعة إلى الأسلاك الممدودة في كل أنحاء البلاد، البلاد الجديدة-العتيقة التي أحيتها هذه القوة وغمرتها حتى أضحت حديقة كبيرة ووطناً لهؤلاء الناس الذين كانوا من قبل فقراء وضعفاء ويائسين . وضع عدد من المهندسين البريطانيين والألمان مشروعات لمد نفس القناة من البحر المتوسط إلى البحر الميت ولكن بغرض توليد الكهرباء، واليوم في عام 2013 م تطرح "اتفاقية تقاسم المياه" التي وقعها ممثلو إسرائيل والأردن وفلسطين بمقر البنك الدولي بواشنطن جملة من التساؤلات، مما استدعى معهد فلسطين للدراسات الإستراتيجية، أن يناقش هذه الاتفاقية من خلال تنظيم ندوة بعنوان " اتفاقية البحرين وأبعادها الإستراتيجية " وبمشاركة كل من المحللين السياسيين والأمنيين الدكتور إبراهيم حبيب، والدكتور محمد مقداد، والدكتور ناجي البطة، من أجل الوقوف على المسار الحقيقي للاتفاقية وتحديد معالم الاتفاقية في جوانب هي:
أولاً: فكرة المشروع.
ثانياً: التفاصيل الإنشائية.
ثالثاً: الأطراف المعنية والمزايا والأضرار.
رابعاً: الدور المصري في اتفاقية قناة البحرين.
ج
فكرة المشروع
تفيد الاتفاقية التي تم التوقيع عليها بين الأطراف الأردنية الفلسطينية الإسرائيلية، شق قناة مائية يبلغ طولها 180 كم من البحر الأحمر تصل بالبحر الميت، وتتكون من أنفاق وأقنية ومواسير وكلها في الأراضي الأردنية، ومن المتوقع أن يصل حجم الضخ السنوي من المياه عبر هذه القناة حوالي 1.9 مليار م3 سنوياً، ينصرف نصفها مباشرة إلى البحر الميت والنصف الثاني يتم تحليته، ويقدر المسئولون أن حجم الضخ سيكون حوالي 60 م3/ ثانية على أن يستمر هذا الضخ لمدة 24 ساعة يومياً وحسب ما اتفق عليه بين الأطراف الثلاثة المشاركة في المشروع, فإن محطة التحلية ستنتج حوالي 850 مليون م3 سنوياً و سيتم توزيعها كالآتي الأردن 570 مليون م3 وإسرائيل 160 مليون م3 وفلسطين 120 مليون م3 وقد قدرت التكلفة النهائية للمشروع حسب الدراسة الإسرائيلية بحوالي (5) مليار دولار أمريكي.
التفاصيل الإنشائية.
تنقسم التفاصيل الإنشائية إلى ثلاثة أقسام هي:
1. بناء خط أنابيب طوله 180كم على الجانب الأردني مكون من أنفاق وأقنية ومواسير مختلفة الأحجام والأقطار. حيث سيتم رفع المياه إلى هذا الخط من محطة الضخ على ارتفاع 125م وهو مستوى ارتفاع الأنابيب ولتنساب بعد ذلك المياه في الأنابيب بشكل طبيعي حتى تصل إلى شاطئ البحر الميت الجنوبي على ارتفاع 107م فوق مستوى سطح البحر.
2. إنشاء محطة التحلية بقدرة استيعابية 850 مليون م3 سنويا، وإنشاء محطة لتوليد الطاقة الكهرومائية للاستفادة من الارتفاع الشاهق لسقوط المياه والبالغ 507م
3. إنشاء ناقل المياه العذبة لتوزيع المياه على الأطراف الثلاثة.
شكل يوضح كيفية عمل المشروع
• الأطراف المعنية والمزايا والأضرار.
الطرف الأردني
يرى المحللون أن رغم تلهف إسرائيل لتنفيذ المشروع فهو بالنسبة للأردن من أهم المشاريع المائية الحيوية بالنسبة لتغطية الاحتياجات المائية خلال السنوات العشر المقبلة في ظل شح المياه في الأردن، حيث يحقق الطرف الأردني من المشروع بعض المكاسب هي:
أولاَ: تشغيل العمالة الأردنية العاطلة عن العمل، سواء من خلال إقامة الأنابيب أو إقامة المدن الصناعية المشتركة.
ثانياً: المشروع يعمل على تأمين 100 مليون متر مكعب من المياه في العام وبتكلفة معقولة، واعتبار أن هذه الكمية من شأنها تغطية احتياجات المملكة من خلال السنوات العشر المقبلة كمرحلة أولى.
ثالثاً: توفير كميات من الطاقة الكهربائية حال الاستفادة من فروق الارتفاع بين البحرين.
رابعاً: حال إقامة المناطق الصناعية المشتركة، تنشيط الحركة الاقتصادية وخاصة التجارية منها.
خامساً: تنشيط الحركة السياحية على البحر الميت.
سادساً: ستكون الأردن بوابة للتطبيع مع الدول العربية، والعالم، حيث يتم دمغ الصناعة بعبارة صنع في الأردن.
الطرف الأردني يتعرض لبعض من المخاطر والسلبيات تجاه المشروع هي:
أولاً: ستكون الأردن موطناً للجانب القذر (الذي يلوث البيئة) من الصناعة أما إسرائيل فستكون موطناً للمكاتب والتخطيط والتسويق لهذه المنطقة الصناعية.
ثانياً: المشروع ستترتب عليه ديون على الأطراف المساهمة والموقعة على المشروع.
ثالثاً: يعتبر تزويد الأردن بالمياه المحلاة بديلاً عما تقوم إسرائيل بسرقته من مياه نهر الأردن مما يعني سقوط حق الأردن في المطالبة بأي حق فيما تسرقه إسرائيل أو فيما أثرته إسرائيل على احتمال جفاف البحر الميت.
الطرف الفلسطيني
يرى كل من المحللين الأمنيين والسياسيين المشاركين في الندوة، أن هذا المشروع يفتح الباب أمام حل قضية المياه "بطريقة مشوهة تنتقص من الحقوق المائية للشعب الفلسطيني، خاصة وأن السيطرة على مصادر المياه هي جوهر السيادة".
واعتبر المحللون أن الاتفاقية هي جزء من اتفاقيات شاملة على طريق حل قضية المياه كأحد موضوعات الحل الدائم تحت إشراف الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى ممارسة ضغوط على الرئاسة الفلسطينية لتوقيع هذا الاتفاق مع أنه ليست للفلسطينيين علاقة مباشرة به.
إضافة إلى ذلك يعتقد المحللون أن هذه الاتفاقية تعتبر تغطية لإسرائيل على جريمتها بحق مياه نهر الأردن والبحر الميت التي تقوم بسرقتها منذ العام 1953-والتغطية على النقصان الكبير في مستوى البحر الميت ومياه نهر الأردن، وجريمة تغيير بيئة البحر الميت وحرمان المنطقة والعالم من بحيرة ليس لها مثيل على وجه الكرة الأرضية لحسابات اقتصادية.
مزايا وأضرار المشروع على الطرف الفلسطيني.
أولاً: الحصول على 20 مليون كوب مدفوعة الثمن لا توجد ضمانات لالتزام إسرائيل بها بعد أن قلصت كميات كان متفقاً عليها في اتفاق أوسلو.
ثانياً: يعتبر هذا البديل رضا ضمني بعدم وجود حق في الماء الفلسطيني الذي تسرقه إسرائيل من الضفة الغربية، وهو مايقارب حوالي 600 مليون متر مكعب.