تتعدد أوجه واسباب الهجرة في العالم وهي حاضرة منذ بدابة البشرية مع تغيير في وجهة المهاجرين حسب العصور واختلاف بيئتها، حيث ان دوافع الهجرة تتعلق اما بالبحث عن تحسين الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي أو هربا من الاضطهاد أو الإرهاب أو انتهاكات حقوق الإنسان، والبعض يهاجر بسبب آثار تغيّر المناخ والعوامل الطبيعية والبيئية الأخرى، ووفقًا لتقرير الهجرة العالمية لعام 2020 الصادر عن المنظمة الدولية للهجرة، اعتبارًا من حزيران/يونيه 2019، قُدر عدد المهاجرين الدوليين بنحو 272 مليونًا على مستوى العالم، بزيادة 51 مليون عن عام 2010 ، وتُعرِّف وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة (IOM) المهاجر بأنه أي شخص ينتقل أو انتقل عبر حدود دولية أو داخل دولة بعيدًا عن مكان إقامته المعتاد، بغض النظر عن: أولا الوضع القانوني للشخص، وثانيا ما إذا كانت الحركة طوعية أو غير طوعية، وثالثا ما هي أسباب الحركة، أو رابعا ما هي مدة الإقامة.
بينما تتمتع فلسطين بخصوصية سياسية في موضوع الهجرة بسبب وجود الاحتلال الصهيوني الغير شرعي الجاثم على أراضيها، والحاجه الماسة لتثبيت الفلسطيني على ارضه والدفاع عن حقوقه ضد المؤامرة الصهيونية لإنشاء مستوطنات جديدة فوق الاراضي الفلسطينية ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية والقدس وحلم العودة لكل فلسطين، ولكن منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين بدأت هجرة الشباب والمتعلمين الفلسطينيين للبحث عن مستوى معيشي واقتصادي أفضل فكانت الهجرة قبل عام ال 48 نحو الأمريكيتين ثم اتجهت نحو دول الخليج وليبيا بعد النكبة وكان لها دور بارز في النهضة الموجودة في دول الخليج، كما ساهمت في تحسين الوضع الاقتصادي لعائلات المهاجرين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
تأثرت الهجرة الفلسطينية للدول العربية وبالذات دول الخليج بالوضع السياسي الفلسطيني فبعد أن كانت هذه الدول حاضنة للفلسطينيين أصبحت تفرض القيود على دخول الفلسطينيين بالذات بعد حرب الخليج، حتى أنها أنهت تواجد عدد كبير منهم واستبدالهم بأيدي عاملة من دول شرق آسيا، مما دفع الفلسطينيين للتوجه لدول أوروبا بحثا عن فرص للعمل والتي تحتاج للمهاجرين بالشكل الرسمي، لكن ضمن شروط ومواصفات لا تنطبق على معظم المهاجرين من عامة الناس، مما اضطر هؤلاء الشباب للهجرة الغير شرعية والطرق الأكثر صعوبة للوصول لهذه الدول واستخدام القوانين المتاحة في دول الاتحاد الأوروبي للتغلب على ذلكـ.
تميز قطاع غزة بحصار خانق منذ 17 عام، ولا أحد يستطيع انكار أن هذا الحصار متعدد الجهات والجبهات أثر بشكل كبير على مناحي الحياة وجعلها صعبة جدا، بل وصل الأمر أن من يثبت دعمه لقطاع غزة إما أن يُطرد من بعض الدول أو يُسجن، وعلى الرغم من الجهد الكبير المبذول من القائمين على إدارة القطاع وبعض المنظمات الأهلية والدولية لتخفيف ذلك وخلق بيئة صالحة للحياة، ومع انعدام الموارد الداخلية للقطاع فإن متطلبات الأجيال لحياة كريمة تزداد يوما بعد يومـ، لذلك يرى بعض الشباب في الهجرة وسيلة لتوفير فرصة عمل أو دخل لبناء مستقبل وحياة معيشية كما يحلم، والبعض الاخر ممن لديه فرصة عمل يبحث عن حياة ذات رفاهية أعلى من المستوى الذي يعيشه، وغيرها من الأسباب، مما يساهم في جزء من التنمية الاقتصادية من خلال ادخال الاموال للبلد.
المريب بالأمر محاولة البعض تضخيم الأمر أكثر مما يجب، على الرغم من أن هذا موجود في الضفة الغربية ودول عربية واسلامية مستقرة لديها العديد من الموارد، وبحسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في عام 2016 فإن ربع سكان الضفة الغربية يرغبون في الهجرة، وتشير تقارير الى أن نحو 400 ألف على الأقل قد هاجروا من الضفة الغربية خلال العقود الأخيرة، والغريب في الأمر أن هذه الهجمة والتي يبدو أنها ممنهجة تحاول تحميل مسؤولية هجرة الشباب لطرف لا حول له ولا قوة دون الاخر، وإعفاء دولة الاحتلال ومن سار في فلكها وهو المسبب الرئيسي للحصار على قطاع غزة، والذي عمل على انهيار القطاع الخاص بفعل تدمير المنشآت الاقتصادية والشركات، قطاع غزة الذي لا زال صامدا رغم كل المحاولات لهدمه يدافع عن شرف هذه الأمة، ويحمل لواء المقاومة لنصر بات قريب، لذلك مطلوب من جميع الفصائل الفلسطينية والحامية لظهر المقاومة، المسانَدة والوقوف عند مسؤولياتها المجتمعية.