آثار التقرير الأخير الذي قدمه مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (UNSCO) إلى لجنة الاتصال المخصصة لمساعدة الشعب الفلسطيني (AHLC) في سبتمبر 2022 إنذاراً خطيراً بشأن عدم استدامة الوضع الحالي الذي تواجهه السلطة الفلسطينية. وأوضح التقرير الآثار السلبية للأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية وتدهور الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي تفاقمت بسبب عوائق النمو الاقتصادي، وعلى رأسها الاحتلال "الإسرائيلي"، والقضايا العالقة في العلاقة الاقتصادية والإدارية مع "إسرائيل" وتراجع دعم المانحين الدوليين. تشير التطورات التي حدثت منذ تقرير سبتمبر 2022 إلى أن الأوضاع ازدادت صعوبة حيث تواجه السلطة الفلسطينية تحديات غير مسبوقة من أزمات متعددة إضافة إلى عدم الاستقرار واستمرار الصراع، وحالة تراجع في النمو الاقتصادي، وارتفاع في التضخم، وتفاقم الأزمة المالية - والتي تتطلب إجراءات فورية ومنسقة بين مختلف الأطراف ودعم من المجتمع الدولي. من الضروري حدوث تحول استراتيجي من قبل الطرفين (الفلسطيني و"الإسرائيلي") والمجتمع الدولي لعكس المسار الحالي غير المستدام الذي يؤدي تدريجياً إلى تآكل المكاسب المؤسسية والاقتصادية والتنموية للسلطة الفلسطينية خلال ما يقرب من ثلاثة عقود منذ توقيع اتفاقيات أوسلو الثانية.
في اجتماع سبتمبر 2022، طرح مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (UNSCO) أربعة عناصر استراتيجية لحزمة سياسات من شأنها أن تدعم السلطة الفلسطينية في مواجهة هذه التحديات غير المسبوقة وربط الخطوات الاقتصادية بشكل أفضل بالأفق السياسي وهي كما يلي:
معالجة الدوافع المستمرة للصراع وعدم الاستقرار.
تعزيز المؤسسات الفلسطينية والتصدي لتحديات الحكم الفلسطيني.
تحسين الوصول والحركة والتجارة وبالتالي خلق مساحة لنمو الاقتصاد الفلسطيني.
مواءمة إطار العلاقات الاقتصادية والإدارية بشكل أفضل مع التحولات الاقتصادية في العقود الماضية.
يقدم هذا التقرير تحديثاً للتطورات في هذه المجالات، ويحدد الخطوات الفورية اللازمة لمواجهة التحديات - مع التركيز على الحفاظ على الخدمات الأساسية الحيوية للسكان الفلسطينيين - ويكرر التأكيد على الضرورة الملحة لإحداث تحول استراتيجي في النهج من قبل كل من القيادات "الإسرائيلية" والفلسطينية، والمجتمع الدولي. إن الفشل في العمل عبر هذه المجالات الاستراتيجية الأربعة يهدد بانقلاب خطير في مشروع بناء الدولة الفلسطينية، مما يزيد من التآكل المؤسسي للسلطة الفلسطينية ويزيد من انعدام الأمن في الأرض الفلسطينية المحتلة.
أولاً: معالجة الدوافع المستمرة للصراع وعدم الاستقرار
ظلت التوترات عالية حتى نهاية عام 2022 والربع الأول من عام 2023، وقد اعتبر العام 2022 الأكثر دموية للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ عام 2005 و"للإسرائيليين" منذ عام 2015، أما في قطاع غزة فقد ساد الهدوء النسبي معظم الفترة وسط ضغوط استمرار حكم حماس والإغلاقات "الإسرائيلية" المستمرة، واستمرار هشاشة الوضع من خلال إطلاق الصواريخ بشكل دوري من غزة على "إسرائيل" والرد بالغارات الجوية "الإسرائيلية" على غزة.
استمر التوسع الاستيطاني والعنف المرتبط بالمستوطنين. والجدير بالذكر أن الحكومة "الإسرائيلية" أعلنت في فبراير 2023 أنها سمحت بتسع بؤر استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، تلاها تقدم في الخطط لأكثر من 7,000 وحدة سكنية استيطانية، ويزيد هذا التوسع الاستيطاني من نقاط الاحتكاك مع الفلسطينيين ويقيد وصولهم إلى الأراضي والموارد في الضفة الغربية.
استمرت عمليات الهدم، حيث تم تنفيذ أكثر من 500 عملية هدم أو مصادرة منذ آخر اجتماع للجنة الاتصال المخصصة لمساعدة الشعب الفلسطيني، منها حوالي 130 مسكناً مأهولاً. إن عمليات الهدم هذه تقوض النمو الاقتصادي وتثني الاستثمار وتحول الأموال من التنمية إلى الاحتياجات الإنسانية.
ساهمت هذه الدوافع في انتشار الشعور بالتشاؤم فيما يتعلق بآفاق المفاوضات الهادفة لحل النزاع وتقويض تحقيق الأهداف الأساسية المتعلقة بتعزيز السلطة الفلسطينية، والحفاظ على المساحة اللازمة لنمو الاقتصاد الفلسطيني، وتوطيد المنفعة الاقتصادية المتبادلة بين الطرفين.
ثانياً: تعزيز المؤسسات الفلسطينية، وتأمين الخدمات للفلسطينيين، والتصدي لتحديات الحكم الفلسطيني
تعاني السلطة الفلسطينية من الأزمة المالية، وانعدام الشفافية، والخطوات أحادية الجانب من قبل "إسرائيل"، وتراجع دعم المانحين والتي تهدد استمرار تقديم الخدمات الأساسية في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. ويعد ضمان تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينيين في البيئة الحالية أولوية رئيسية للحفاظ على سبل العيش الفلسطينية ومعالجة عدم الاستقرار والمساعدة في الحفاظ على احتمالات قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة ومستقلة وذات سيادة. علاوة على ذلك، فإن الفجوة تتسع بين قدرة السلطة الفلسطينية على تقديم الخدمات والاحتياجات المتزايدة للسكان.
التحدي المالي للسلطة الفلسطينية.
الإصلاحات المالية والإدارية: قامت السلطة الفلسطينية بسلسلة من الإصلاحات المالية والإدارية، مثل تبسيط إجراءات تحصيل الإيرادات، وتحسين شفافية المالية العامة، وتجويد تقديم الخدمات، إلى جانب فرض قيود على التعيينات الجديدة، وتدابير الميزانية التقشفية التي احتوت الإنفاق.
الوضع المالي للسلطة الفلسطينية المتدهور: حيث يبلغ عجز ميزانية السلطة الفلسطينية المتوقع لعام 2023 أكثر من 600 مليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن يصل الدين المتراكم إلى حوالي 9.9 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية العام، أي ما يقرب من 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
التطبيق التجريبي الجزئي لنظام ضريبة القيمة المضافة الإلكترونية e-VAT: أدى إلى زيادة الشفافية المالية، والتي ساهمت في تحقيق إيرادات إضافية للسلطة الفلسطينية تقدر ب40 مليون دولار شهرياً. من المتوقع أن تتحقق مكاسب أكبر من خلال التنفيذ الكامل بما في ذلك التفويضات التنظيمية للامتثال من قبل الشركات "الإسرائيلية" والفلسطينية.
ديون السلطة الفلسطينية: تتمثل غالبية ديون السلطة الفلسطينية في المتأخرات المستحقة للقطاع الخاص، وصندوق المعاشات التقاعدية، ومنذ عام 2021 تم تقليص أجور القطاع العام لتصبح 80% من الأجر الطبيعي، وفي حين انخفض الدين الحكومي كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي بشكل طفيف عن العام 2021، فمن المتوقع أن يكون الدين الحكومي في اتجاه متزايد على المدى المتوسط في ظل السياسات الحالية.
تطوير إطار مالي متوسط المدى مع صندوق النقد الدولي: يعد خطوة مهمة، إلا أنه يجب أن يقترن بزيادة الإيرادات الحكومية.
إيقاف خصم مدفوعات الأسرى: وهو المبلغ الذي يدفعه الفلسطينيون للأسرى الفلسطينيين وعائلاتهم، أو عائلات الشهداء (في التقرير القتلى) أو المصابين في سياق الهجمات ضد "الإسرائيليين" - والخصومات ذات الصلة من قبل حكومة "إسرائيل" من عائدات المقاصة المحصلة نيابة عن السلطة الفلسطينية، يمكن أن يؤدي حل هذه المشكلة إلى إطلاق ما يقدر بنحو 800 مليون دولار أمريكي أو أكثر في إجمالي الإيرادات المحتجزة بحلول نهاية عام 2023.
أما مضاعفة "إسرائيل" المؤقتة لهذه الاستقطاعات الشهرية -مدفوعات الأسرى- إلى 30 مليون دولار أمريكي شهرياً (100 مليون شيكل تقريباً) من فبراير إلى يونيو 2023، لاسترداد الخصومات التي كانت المجمدة في عام 2022، لم تؤد إلا إلى تفاقم الحاجة الملحة لحل المشكلة.
صافي الإقراض: قد تؤدي زيادة الشفافية في الخصومات "الإسرائيلية" لخدمات المياه والكهرباء التي تقدمها "إسرائيل" إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة بما يتماشى مع بروتوكول باريس الاقتصادي، والتي يبلغ مجموعها أكثر من 80 مليون دولار أمريكي، إلى توفير التكاليف.
تحسين وصول الفلسطينيين إلى الأراضي والموارد في المنطقة(ج): يمكن أن يؤدي إلى زيادة إيرادات السلطة الفلسطينية بنحو ستة إلى تسعة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ضرائب العمال في إسرائيل: التنفيذ الكامل للإصلاحات التي من شأنها أن تسمح بمزيد من الكفاءة في الضرائب يمكن أن يؤدي تحصيل الإيرادات من العمال الفلسطينيين من الدخل المكتسب من عملهم في "إسرائيل" - المقدرّ بنحو 4 مليارات دولار أمريكي أو أكثر سنوياً - إلى تعزيز إيرادات السلطة الفلسطينية.
الدعم الخارجي للموازنة للسلطة الفلسطينية: انخفاض دعم المانحين الخارجيين للسلطة الفلسطينية بنسبة تزيد عن 80٪ منذ عام 2013. ففي عام 2013، كان دعم المانحين الخارجيين 4.1 مليار دولار أمريكي، يمثل 33% إجمالي نفقات السلطة الفلسطينية، أما بحلول عام 2022، انخفض إلى أقل من 350 مليون دولار أمريكي، يمثل 3٪ من إجمالي نفقات السلطة الفلسطينية، وتقديرات عام 2023 تبلغ حوالي 300 مليون دولار أمريكي.
جدول1: الدعم الخارجي لموازنة السلطة الفلسطينية في الفترة من 2012 حتى 2022 (سلطة النقد الفلسطينية)
السنوات
2008-2012
2013-2017
2018-2022
متوسط الدعم السنوي (مليون دولار)
1160
828
356
الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي هو مصدر آخر لاستمرار فقدان الإيرادات وزيادة الإنفاق من قبل السلطة الفلسطينية. حيث تقدر وزارة المالية في السلطة الفلسطينية أن غزة تمثل ما يقرب من 30٪ من نفقات السلطة الفلسطينية و1٪ فقط من إيرادات السلطة. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت القيود المفروضة على حركة البضائع والمواد والأشخاص في تفتيت الاقتصاد بين قطاع غزة والضفة الغربية، مما ساهم في زيادة الحركة التجارية بين غزة ومصر، والتي تضاعفت منذ عام 2021، تمثل أكثر من 33% من إجمالي الحركة التجارية إلى القطاع. لا تدر السلطة الفلسطينية عائدات جمركية من الحركة التجارية عبر بوابة صلاح الدين بين قطاع غزة ومصر.
لا تزال الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية تتفاقم بفعل عدد من العوامل الفلسطينية و"الإسرائيلية" والعالمية، على الرغم من إحراز بعض التقدم في الإصلاحات من قبل السلطة الفلسطينية، إلا أن الإصلاحات الرئيسية التي حددها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مثل فاتورة الأجور والمعاشات التقاعدية والتحويلات الطبية الخارجية وصافي الإقراض لم يتم تنفيذها بعد، وهي ضرورية لخفض النفقات، وهناك حاجة إلى قدر أكبر من المساءلة والشفافية في عملية الموازنة.
تقديم الخدمات الأساسية تحت الضغط وأزمة تلوح في الأفق في المستقبل.
كان لجهود السلطة الفلسطينية للحد من الإنفاق من خلال تدابير التقشف المتزايدة والمتأخرات المستمرة على رواتب موظفي الخدمة العامة تأثيراً سلبياً فورياً على تقديم الخدمات للفلسطينيين، حيث تقوض إجراءات التقشف قصيرة الأجل الإستثمار في الخدمات الأساسية وتؤجل الإصلاحات الضرورية، وبالتالي تؤدي إلى زيادة التكاليف على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، فإن النمو السكاني في الأرض الفلسطينية المحتلة - بمتوسط 4.2 ٪ سنوياً، مع 65 ٪من السكان دون سن 29 - وغير مصحوب بالنمو الاقتصادي الضروري مما سيزيد بشكل كبير من احتياجات الخدمة على المدى القريب نسبياً.
يمثل قطاعا الصحة والتعليم ما يقرب من نصف فاتورة أجور السلطة الفلسطينية، وبالتالي يتركز تراكم المتأخرات لموظفي القطاع العام في قطاعات تقديم الخدمات هذه منذ بداية عام 2023 ، أدى إضراب المعلمين في المدارس الحكومية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية إلى خسارة ما يقرب من 50 يوماً من أيام التدريس عندما تم تعليقها في أواخر أبريل، واستمر الإضراب المستمر من قبل العاملين في مدارس الأونروا لأكثر من شهرين، مما أدى إلى المزيد من الخسائر التعليمية التي تسبب بها وباء كوفيد 19.
التعليم
انخفاض الانفاق على التعليم: على مدى السنوات الخمس الماضية، انخفض الإنفاق الإجمالي على التعليم بالقيمة الحقيقية ففي عام 2022، انخفض الإنفاق الفعلي على التعليم مقارنة بالسنوات السابقة حيث بلغ إجمالي ميزانية التعليم للسلطة الفلسطينية 3.3 مليار شيكل، بانخفاض قدره 6٪ تقريباً عن عام 2021 بالقيمة الحقيقية. مع عدم الأخذ بالحسبان الدفعات الجزئية لموظفي التعليم والتي من شأنها أن تشير إلى انخفاض نفقات التعليم حيث تمثل الأجور أكثر من 80% من ميزانية التعليم. يؤثر هذا النقص في تمويل التعليم على الأسر الأكثر فقراً حيث تمثل نفقات التعليم ما يقرب من 15٪ من دخل الأسرة لأفقر شريحة من السكان.
احتياج الأراضي الفلسطينية من المدارس: لتلبية التوقعات السكانية، ومستويات الخدمة المتوقعة في قطاع التعليم، يقدر مكتب رئيس الوزراء والأمم المتحدة أن 600 مدرسة جديدة بحاجة إلى البناء بين عامي 2020 و2025. ومع ذلك، منذ عام 2020 تم بناء 68 مدرسة جديدة فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة.
عدم القدرة على تعيين معلمينجدد بالمعدل المطلوب لمواكبة النمو السكاني يعني أن نسبة المعلمين إلى الطلاب قد زادت من 4.22 في عام 2020 إلى 22 في عام 2022.
وقد أدى هذا النقص في الاستثمار إلى انخفاض نتائج التعليم، على الرغم من استمرار المستويات المرتفعة مع المقارنات الإقليمية. قدرت الأمم المتحدة أن 23٪ من الذكور فوق سن 15 قد تركوا نظام التعليم الرسمي، مقارنة بـ 6٪ من الإناث بنهاية المرحلة الإعدادية، حقق 24٪ من الذكور و34٪ من الإناث الحد الأدنى من الدرجات في الرياضيات.
الصحة
الانفاق على الرعاية الصحية: في العام 2022، كانت هناك زيادة في إجمالي الإنفاق العام على الرعاية الصحية على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث زاد الإنفاق المدرج في الميزانية على الصحة بشكل طفيف مقارنة بعام 2021 وقد بلغ 1.2 مليار شيكل، مثل 15 ٪من الناتج المحلي الإجمالي.
التحويلات الطبية الخارجية: والتي بلغت حوالي 500 مليون شيكل، لكن النفقات الفعلية لهذه التحويلات تقدر بأنها أكبر بكثير حيث وصلت إلى 800 مليون شيكل، لعدم وجود قائمة أسعار عالمية لهذه التحويلات.
تخفيض ميزانية شراء الأدوية: حيث بلغت في عام 2022 حوالي 341 مليون شيكل مما ساهم في نقص الأدوية الأساسية في المستودعات العامة، وتقدر وزارة الصحة أن 40% من الأدوية الأساسية غير متوفرة حالياً في المؤسسات الصحية العامة في قطاع غزة.
نقص الاستثمار في القطاع الصحي: لتلبية التوقعات السكانية، يقدر مكتب رئيس الوزراء والأمم المتحدة أن هناك 118 عيادة صحية أولية جديدة يجب أن يتم بناؤها بين عامي 2020 و2025. ومع ذلك، منذ عام 2020، تم بناء عيادتين جديدتين للصحة الأولية.
الحماية الاجتماعية
تقليص وتأخير التحويلات النقدية: نظراً للأزمة المالية التي تم بها السلطة الفلسطينية تم تقليص وتأخير الدفعات النقدية للأسر الأشد فقراً المستفيدين من البرنامج الوطني للتحويلات النقدية (NCTP) والذي يهدف إلى تقديم دفعات نقدية ربع سنوية للأسر الفلسطينية الأشد فقرا ًللتخفيف من حدة الفقر.
زيادة في أعداد الأسر المسجلة: اعتباراً من عام 2023، تم تسجيل 130,000 أسرة للحصول على المساعدة من البرنامج الوطني لمكافحة الفقر، وهو ما يمثل زيادة بحوالي 15,000 أسرة، حيث كان العدد 115,000 أسرة كانت مسجلة في عام 2022.
تخفيض عدد الدفعات المالية: بسبب تدهور الوضع المالي خفضت السلطة الفلسطينية، وفي الأعوام 2018،2019، 2020 مثلت دفعات البرنامج الوطني لمكافحة الفقر حيث 75% من الدفعات في البرنامج العادي.
تأخر دفع تمويل المانحين الخارجيين للبرنامج: أدى إلى تخفيض الدفعات للأسر الأكثر فقراً في 2021 و2022 إلى 20٪ و30٪ من البرنامج العادي، على التوالي.
في عام 2023 وبعد انتظام دفع المانحين الخارجيين مساهماتهم في البرنامج تأخرت الدفعة الأولى في هذا العام للأسر المستفيدة لمدة ثلاثة أشهر حتى استطاعت السلطة الفلسطينية في إبريل 2023 من تأمين مساهمتها التمويلية لهذه الدفعة، ومن المتوقع أن يكون هناك دفعتين لهذه العام، وبذلك يتم دفع 75% من الدفعات المخططة لهذه العام.
جدول رقم 2: دفعات البرنامج الوطني للتحويلات النقدية (تقديريات الأمم المتحدة)
السنة
2018
2019
2020
2021
2022
2023
عدد الدفعات
3 كاملة
3 كاملة
3 كاملة
1 جزئية
1 كاملة، 1 جزئية
3 دفعات
النسبة
75%
75%
75%
20%
30%
75%
ثالثاً: رفع القيود "الإسرائيلية" عن الوصول والحركة والتجارة لإفساح المجال لنمو الاقتصاد الفلسطيني.
حرية الحركة والتجارة ضرورية لنمو الاقتصاد الفلسطيني: وهذا يتطلب تحسين وصول الفلسطينيين إلى المنطقة (ج)، ومعالجة الإغلاق "الإسرائيلي" لقطاع غزة، وزيادة التجارة الفلسطينية والروابط الاقتصادية بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
تخفيف بعض القيود المفروضة على قطاع غزة: لاسيما في سوق العمل، قد أظهر آثاراً إيجابية على الاقتصاد في غزة، وكان عاملا ًمن عوامل الاستقرار في قطاع غزة، حيث تم إصدار ما يقرب من 18,000 تصريح لعمال وتجار فلسطينيين من قطاع غزة للعمل أو ممارسة الأعمال التجارية في "إسرائيل". يمكن للعمال الفلسطينيين من غزة الذين يعملون في "إسرائيل" أن يكسبوا عشرة أضعاف متوسط أجر القطاع العام غير المهرة في غزة، وربما يساهموا بحوالي 400 مليون دولار أمريكي في اقتصاد القطاع سنوياً.
العمالة الفلسطينية في "إسرائيل": لا يزال وصول الفلسطينيين إلى سوق العمل "الإسرائيلي" مصدراً رئيسياً لدخل الاقتصاد الفلسطيني، حيث يقدر الدخل السنوي للفلسطينيين العاملين في "إسرائيل" والمستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية حوالي 4 مليار دولار أمريكي محسوب من بيانات مسح القوى العاملة في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ، وقد يصل إلى 7 مليار دولار أمريكي وفقاً لتقديرات أخرى ، وهو أكثر من إجمالي تمويل المانحين لـ الفلسطينيون من جميع المصادر، ويفوق التحويلات الشهرية من "إسرائيل" إلى السلطة الفلسطينية. ولا تخلو العمالة الفلسطينية في "إسرائيل" من بعض المخاطر، حيث أن ضمان الحقوق والحماية للعمال الفلسطينيين في إسرائيل أمر بالغ الأهمية.
الصادرات الزراعية من غزة: كان أحد العوامل المهمة في زيادة حجم البضائع الخارجة من غزة في عام 2022 تخفيف القيود على صادرات المنتجات الزراعية والتي زادت بنسبة 700٪ مقارنة بعام 2021، مع تحقيق فائدة اقتصادية صافية لاقتصاد قطاع غزة قدرها 56 مليون دولار أمريكي في عام 2022، أي أكثر من ضعف قيمة الصادرات الزراعية في عام 2021. وتتوقع وزارة الزراعة الفلسطينية أن تنمو العمالة في الزراعة في غزة بنسبة 25٪في عام 2022. ومن المتوقع أن تقوم الحكومة "الإسرائيلية" بتخفيض أكبر للقيود المفروضة على الصادرات الزراعية.
زيادة في عدد الشاحنات من وإلى قطاع غزة: زادت حركة الشاحنات التجارية من وإلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم بين قطاع غزة و"إسرائيل" وعبر معبر بوابة صلاح الدين بين قطاع غزة ومصر، وقد ارتفع إجمالي حجم البضائع الخارجة من قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم إلى إسرائيل بنسبة 43٪ في عام 2022 عن العام السابق. حتى الآن في عام 2023، دخل ما معدله الشهري أكثر من 11,000 شاحنة تجارية وغادرت ما يقرب من 800 شاحنة قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم مع "إسرائيل" وبوابة صلاح الدين إلى مصر. بالإضافة إلى ذلك، تم إحراز تقدم فيما يتعلق بتخفيف القيود المفروضة على دخول بعض المواد التي تصنفها "إسرائيل" على أنها "مزدوجة الاستخدام" إلى قطاع غزة، بما في ذلك في قطاعي الصحة وصيد الأسماك.
ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد في قطاع غزة مقيداً إلى حد كبير بالإغلاق "الإسرائيلي" واستمرار سيطرة النشطاء الفلسطينيين (ويقصد حماس) التي ينبغي إنهاؤها بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 1890، في غضون ذلك، يمكن عمل المزيد لتوسيع نطاق تخفيف القيود، بما في ذلك بهدف معالجة مستويات البطالة المرتفعة باستمرار، وزيادة انفتاح سوق العمل، وزيادة تسهيل حركة البضائع من وإلى القطاع ومعالجة التكاليف المرتفعة. وعدم كفاءة الأعمال التجارية التي تستخدم معبر كرم أبو سالم، كما يجب تحسين القوانين المفروضة على التهريب، مثل الأسماك، من قطاع غزة إلى إسرائيل والضفة الغربية.
رابعاً: مواءمة أفضل للعلاقات الاقتصادية والإدارية في المستقبل.
في ضوء الأزمة المالية المتزايدة، والفرص المحدودة للنمو الاقتصادي المستدام، واعتماد الاقتصاد الفلسطيني المتزايد على التجارة والتوظيف في "إسرائيل"، فإن تحسين التنسيق الاقتصادي على المستوى الفني بين الطرفين مهم بشكل متزايد مهم لمعالجة العلاقات الاقتصادية الناشئة التي تؤدي إلى الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة، وتزيد من الضعف والمخاطر.
نظام السمسرة: سلط تقرير سبتمبر 2022 الضوء على الحاجة إلى إطار تنظيمي لعدد كبير من العمال الفلسطينيين في "إسرائيل" ومعالجة الاختلالات في العلاقة بين الاقتصادين من خلال المشاركة على المستوى الفني بين الطرفين، ويظل تعزيز الإطار التنظيمي للحد من إساءة استخدام نظام التصاريح (السمسرة)، وضمان سلامة العمال وحمايتهم، وتوفير معاشات تقاعدية وبرامج تعويض العمال من الأولويات. لا يزال نظام السمسرة يمثل عقبة أمام ضمان الحماية للعمال الفلسطينيين ويؤثر على حاملي 33% من التصاريح التي يعُتقد أنها تبُاع من خلال وسطاء، حيث يتقاضى السماسرة أو الوسطاء رسوماً ربما تصل إلى نصف الأجور المتوقعة للعمال.
الحسابات البنكية: على الرغم من عدم قدرة المؤسسات "الإسرائيلية" و "الفلسطينية" على ضبط ظاهرة السمسرة والعمالة غير الشرعية إلا أن اعتماد الدفع عبر الحسابات البنكية إلكترونياً، وبالتالي إنشاء مسار للوثائق، وتقديم دليل على الدفع والأهلية للتأمين الاجتماعي سيزيد من الشفافية والمساءلة، وسيخفض من العمالة غير الرسمية وتجارة التصاريح.
مع استمرار تزايد عدد العمال الفلسطينيين في "إسرائيل"، يزداد خطر التأثير سلباً على إمكانات نمو الاقتصاد الفلسطيني على المدى المتوسط. طالما استمر التفاوت في الأجور بين أسواق العمل الفلسطينية و"الإسرائيلية"، سيستمر العمال الماهرون في البحث عن وظائف في "إسرائيل"، وهي ظاهرة واضحة بشكل خاص في قطاع البناء، مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد الفلسطيني من العمال ذوي المهارات العالية.
الخاتمة:
ويخلص هذا التقرير إلى إحراز تقدم ضئيل نحو تطوير وتنفيذ مثل هذه الحزمة الشاملة.
إن دوافع الصراع مستمرة ومتفاقمة وفقاً لمعظم المؤشرات، ولا سيما العنف في الضفة الغربية، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد الفلسطيني والشعب الفلسطيني، مما يؤدي إلى مزيد من اليأس والإحباط، خاصة بين الشباب.
النمو السكاني في الأرض الفلسطينية المحتلة - بمتوسط 4.2 ٪ سنوياً، مع 65 ٪من السكان دون سن 29 - وغير مصحوب بالنمو الاقتصادي الضروري مما سيزيد بشكل كبير من احتياجات الخدمة على المدى القريب نسبياً.
تواجه السلطة الفلسطينية أزمة مالية هائلة مع القليل من الأدوات المتاحة لها للتخفيف من التأثير على مؤسساتها وقدرتها على تقديم الخدمات، بعد أن استنفدت قدرتها على تحمل الديون ووسط تراجع مستمر في دعم المانحين.
لا تزال الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية تتفاقم بفعل عدد من العوامل الفلسطينية و"الإسرائيلية" والعالمية، على الرغم من إحراز بعض التقدم في الإصلاحات من قبل السلطة الفلسطينية، إلا أن الإصلاحات الرئيسية التي حددها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مثل فاتورة الأجور والمعاشات التقاعدية والتحويلات الطبية الخارجية وصافي الإقراض لم يتم تنفيذها بعد، وهي ضرورية لخفض النفقات، وهناك حاجة إلى قدر أكبر من المساءلة والشفافية في عملية الموازنة.
إن تأثير الأزمات التي تم تسليط الضوء عليها في هذا التقرير على تقديم الخدمات الأساسية للفلسطينيين، وخاصة الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، والتي تعتبر ضرورية لسبل العيش والتنمية والاستقرار، هو مصدر قلق بالغ.
انخفاض دعم المانحين يهدد قدرة وكالات الأمم المتحدة على تلبية الاحتياجات المتزايدة لدعم السلطة الفلسطينية، وقد كان بناء قدرة السلطة الفلسطينية على توفير الحوكمة والخدمات للسكان الفلسطينيين أحد الركائز الأساسية لاتفاقات أوسلو، والآن هناك مخاطر بالتآكل بعد ما يقرب من ثلاثين عاماً من الاستثمار إذا لم يكن هناك تحول استراتيجي من قبل الطرفين والمجتمع الدولي، والعمل على توفير الموارد وتقوية السلطة الفلسطينية يجب توفير المزيد من الدعم الخارجي.
يقدر الدخل السنوي للفلسطينيين العاملين في "إسرائيل" والمستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية حوالي 4 مليار دولار أمريكي محسوب من بيانات مسح القوى العاملة في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وقد يصل إلى 7 مليار دولار أمريكي وفقاً لتقديرات أخرى، وهو أكثر من إجمالي تمويل المانحين لـ الفلسطينيين من جميع المصادر، ويفوق التحويلات الشهرية من "إسرائيل" إلى السلطة الفلسطينية (أموال المقاصة).
مع استمرار تزايد عدد العمال الفلسطينيين في "إسرائيل"، يزداد خطر التأثير سلباً على إمكانات نمو الاقتصاد الفلسطيني على المدى المتوسط. طالما استمر التفاوت في الأجور بين أسواق العمل الفلسطينية و"الإسرائيلية"، سيستمر العمال الماهرون في البحث عن وظائف في "إسرائيل"، وهي ظاهرة واضحة بشكل خاص في قطاع البناء، مما يؤدي إلى استنزاف الاقتصاد الفلسطيني من العمال ذوي المهارات العالية.
التوصيــــــــــــــــــــــــــــــــــات
التخفيف من القيود "الإسرائيلية" من أجل تعزيز النمو الاقتصادي الفلسطيني وتعزيز الحكم.
ضرورة فتح إسرائيل لسوق العمل أمام الفلسطينيين وتخفيف القيود المفروضة على حركة البضائع من غزة وتوسيعها وتنظيمها بشكل أفضل لمعالجة مستويات البطالة المرتفعة وتعزيز التأثير إيجابي على الاقتصاد الفلسطيني.
يجب على "إسرائيل" الإيفاء بالالتزامات الاقتصادية التي تم التعهد بها في العقبة والأردن وشرم الشيخ بمصر، بتيسير من مصر والأردن والولايات المتحدة.
يجب توسيع الحوار بين الطرفين لمعالجة المزيد من القضايا الأساسية التي تواجه علاقتهما الاقتصادية بهدف تحسين الاقتصاد الفلسطيني وتقوية السلطة الفلسطينية. إن إعادة عقد اجتماعات اللجنة الاقتصادية المشتركة وفق ما جاء في بروتوكول باريس يوفر مثل هذه الفرصة.