المخاطر الجوية الجوالة .. وميدان الحرب الذي يلقي بظلاله على العالم أجمع

news-details
مختارات أجنبية

تسلمت روسيا مؤخراً 400 طائرة انتحارية من إيران، وهو أحد الأسلحة المؤثرة في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، هذا الصراع الذي بدأ يتحول إلى ساحة معركة مستقبلية تلقي بظلالها على أوروبا والشرق الأوسط وبحر الصين، وتدور في ثلاث مستويات:

المستوى الأول – الهجوم
تجسدت الهجمات الروسية الأخيرة على أوكرانيا في هجوم مختلط بصواريخ كروز وطائرات انتحارية من طراز شاهد 136 الإيرانية وصواريخ كينزل الفرط صوتية الروسية "صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت"، أطلقت جميعها من نطاق ألف كيلومتر، كمحاولة لمزامنتها في وابل كثيف من الصواريخ يجعل من الصعب على أنظمة الدفاع الجوي اعتراضها.
كما انتقل الأوكرانيون مؤخراً إلى استخدام صواريخ متطورة، حيث أطلقوا صواريخ كروز البريطانية STORM SHADOW على بعد حوالي 250 كيلومترًا من الطائرات المقاتلة.

المستوى الثاني - الدفاع الجوي:
أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية، هي أنظمة غربية تتعامل مع هذه التهديدات بشكل محدود، وتصريحات الأوكرانيين حول جدوى فاعلية هذه الأنظمة في حماية سماءهم أمر مشكوك فيه، وذلك بسبب ما جرى مؤخراً من تدمير منظومة باتريوت الأمريكية الأكثر تقدماً حول العالم على يد الروس بالإضافة إلى تدمير مخزن ذخيرة أوكراني ضخم.

المستوى الثالث – معركة الوعي:
احتوت هذه الحرب على الكثير من المعلومات والبيانات المضللة والمبالغة والتي تستهدف وسائل الإعلام والرأي العام، ويجعل من الصعب تحديد الأحداث بدقة.
ولكن توجد أطراف أخرى متابعة للأحداث عن كثب، ترصد وتستخلص العبر وهم الإيرانيون.

لقد أصبحت روسيا الدولة الأولى التي تنشر أسلحة تفوق سرعة الصوت في القتال، حيث زعم المسؤولون العسكريون الروس في 19 مارس أنهم أطلقوا صواريخ تفوق سرعة الصوت لأول مرة على أوكرانيا لاستهداف موقع لتخزين الأسلحة تحت الأرض غربي البلاد.
كما كان للطائرات الإيرانية بدون طيار المنقولة إلى روسيا تأثير كبير على حرب موسكو ضد كييف. وبصورة أشمل، خلق التقدم في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار مرحلة فارقة في الحرب الجوية - على غرار إدخال الطيران المأهول منذ أكثر من قرن – ما يسجل ضمان نهاية التفوق الجوي للولايات المتحدة.
وتشكل الطائرات بدون طيار والصواريخ الإيرانية تهديدًا كبيرًا لدول الخليج والقوات الأمريكية في الشرق الأوسط وإسرائيل، خاصة بعد توجيه إيران عدة ضربات مؤثرة في الشرق الأوسط باستخدام هذه الأسلحة، ما جعل من مصالح أمريكا وحفاءها في المنطقة محل تهديد كارثي.

وفي مواجهة هذا التهديد لا بد للدول الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة من العمل على تعزيز التعاون المشترك في الجوانب الدفاعية ودمج الأنظمة الدفاعية في شبكة واسعة النطاق لتفعيل الإنذار والتصدي المشترك لأي تهديد محتمل.
ولكن الأزمات السياسية في الشرق الأوسط تزيد من تعقيد المشهد وليس عبثاً يتجه الإيرانيون نحو ترميم العلاقة مع السعودية في محاولة لقطع الطريق على هذه التحالفات والإشارة للإماراتيين بضرورة الابتعاد عن إسرائيل، وذلك مع تعاظم التهديد من قبل إيران وحلفاءها في لبنان وسوريا والعراق واليمن والذين لديهم قدرة هجومية في نطاق 360 درجة.
اتفاقيات افراهام وانتقال إسرائيل إلى منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية والقدرات الدفاعية متعددة الطبقات التي تمتلكها إسرائيل يوفر لها فرصة للعمل مع حلفاء أمريكا العرب، وانضمام إسرائيل إلى جهود التحالف الدفاعي الإقليمي مهمة ويمكن أن تساهم بشكل كبير في ذلك.

في العامين الماضيين، حدث تقدم غير مسبوق في تشكيل تحالف غير رسمي يضم إسرائيل وست دول عربية. تعقد هذه المجموعة لقاءات منتظمة ليس فقط لقادة الدفاع، ولكنها تضم قيادات في مستويات عملياتية دنيا.
ويتشارك أعضاء التحالف بالفعل معلومات حول التهديدات الجوية مع مركز العمليات الجوية المشتركة التابع للقيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) في قطر، والذي ينقلها بدوره إلى الجيران المعرضين للخطر. ويشكل هذا التعاون في نظام إنذار مبكر إقليمي اختراقه حقيقية بعد سنوات من الجهود.

المطلوب الآن هو أن تكون هناك خطوة أولى حاسمة وهي توصيل أجهزة استشعار ورادارات الدفاع الجوي الخاصة بكل بلد رقميًا بمركز العمليات هذا، حيث يمكن دمج تدفقات البيانات المتعددة في صورة تشغيلية مشتركة للمجال الجوي للمنطقة.
ومن خلال الوصول إلى أجهزة الاستشعار المنتشرة على أراضي الجيران، ستزيد صورة العمل المشترك بشكل كبير من قدرة الكشف لكل قطاع "منطقة أو بلد"، وتسمح له بسد الثغرات في تغطية الرادار الخاص به وتتبع أكبر عدد من التهديدات - في وقت مبكر وبشكل أكثر دقة وعلى مسافة أكبر من أراضيها.
ولكن تبقى العقبة الأكبر هي العقبة السياسية:
حيث تخشى الدول أن تكشف مشاركة البيانات والمعلومات الحساسة النقاب عن القدرات ونقاط الضعف التي يمكن للجيران تسريبها أو إساءة استخدامها.

علاوة على أن التزام القيادة المركزية الأمريكية وحده لا يكفي. بل يجب أن يقتنع الشركاء الأمريكيون أيضًا أن الرئيس جو بايدن مستثمر بشكل كامل في هذا المشروع. خاصة في حقبة ما بعد الانسحاب من أفغانستان، ومغادرة أمريكا للشرق الأوسط.
يشكك البعض في أن مصلحة واشنطن في مشروع التكامل أنها حيلة لتسهيل المزيد من عملية الانسحاب، وما يقع على عاتق الولايات المتحدة من المسؤولية هو إثبات خلاف ذلك.