المحكمة الجنائية الدولية والكيل بمكيالين

قررت المحكمة الجنائية الدولية مؤخرا اصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب اتهام المحكمة لبوتين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية جراء الحرب العسكرية التي تدور رحاها في اوكرانيا، حيث قامت المحكمة وبعد اندلاع الحرب مباشرة بإرسال عدة لجان لتقصي الحقائق ضمن نية مسبقة عنوانها احتمالية ارتكاب روسيا لجرائم حرب ضد اوكرانيا. يشار إلى أن المجتمع الدولي أسس محكمة الجنايات الدولية في عام 2002، بغية منع ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، ومحاسبة كل من يرتكب مثل هذه الأعمال الوحشية.


 أما بما يخص الحالة الفلسطينية، فقد اتبعت سياسة الكيل بمكيالين والتسويف المشبوه والصمت المريب منذ عشرات السنوات، وتغض الطرف بشكل واضح عن  جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني كجريمة الاستيطان والتطير العرقي وحصار قطاع غزه والقتل الميداني والإجراءات العنصرية ضد الاسرى وتهويد القدس وغيرها من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة .


كما اقرت المحكمة ولايتها القضائية على أراضي دولة فلسطين عام 2021،  وتفتح هذه الخطوة الطريق أمام المدعي العام للمحكمة للشروع بتحقيق رسمي في ارتكاب الاحتلال جرائم وانتهاكات محتملة ضد الفلسطينيين ،  بعد هذه الخطوة مارست الدول الحليفة لدولة الاحتلال ضغوطات على المحكمة وتحديدا علي المدعية العام السابقة للمحكمة "فاتوا بن سودة" وتم اتهامها بأنها معادية للسامية الي ان تم إخراجها من الرئاسة وإجراء تغيرات هيكلية في بنية المحكمة ادت الي تعين كريم خان رئيسا لها وهو المعروف بموافقة الموالية لأمريكا والغرب ودولة الاحتلال الإسرائيلي، لم يستجب كريم خان لطلب العديد من مكونات الشعب الفلسطيني سواء دولة فلسطين ، او منظمات حقوق الانسان بإرسال لجنة تحقيق الي فلسطين للتحقيق في جرائم حرب محتملة ارتكبتها دولة الاحتلال بعد عدوان عام 2014 علي قطاع غزة استمر واحد وخمسون يوما تم به تدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية والمرافق الإنتاجية واستشهاد  وجرح الالاف من أبناء شعبنا لم يتم ارسال لجنة تحقيق حتي الآن رغم قرار المحكمة بذلك الذي اتخذ بعد انتهاء العدوان حينها .


لقد تراجعت الثقة لدى الشعب الفلسطيني بصورة كبيرة ، وذلك علي خلفية ازدواجية المعايير وعبر المقارنة والتميز  بين حالة اوكرانيا وفلسطين ،  فمن حق شعبنا الفلسطيني أن يقرر مصيره  كما هو حق الشعب الأوكراني الذي طالبت به المحكمة والمجتمع الدولي  ، فلابد ان تقوم المحكمة بواجبتها الإنسانية والقانونية  عبر مدعيها العام دون تحيز ومحاكمة قادة الاحتلال الاسرائيلي على جرائمه المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني  اسوة بحالة أوكرانيا ، و تطبيق العدالة الدولية على جميع شعوب العالم دون استثناء او تميز.