ان مكونات اشتعال النار في الضفة الغربية موجودة بالفعل، فالعمليات الفلسطينية التي أطلت برأسها حصدت عدداً غير مسبوق من قتلى العدو في السنوات الأخيرة (13 قتيلاً منذ بداية العام)، وقوات جيش العدو تعمل في قلب المدن التي تُنفَذ منها العمليات.
لكن من الواضح بأن قوات العدو بدأت تفقد السيطرة على الأوضاع، في ظل اليأس الذي يعيشه العديد من الشباب الفلسطينيين، إلى جانب الاستعداد للقتال والقتل، وكذلك شهر رمضان الذي يقترب بخطوات عملاقة ويضيف المشاعر الدينية فوق كل شيء.
والآن، هناك مكون جديد قدمته المنظومة الأمنية الصهيونية في كل مراجعة أمنية في الآونة الأخيرة، مكون يمكن أن يكون سبباً قوياً لفقدان التوازن، ألا وهو انتقام المستوطنين.
إن الصور التي ظهرت ليلة (الأحد) لم تترك مجالا للشك بأن كيان العدو يفقد السيطرة على مستوطنيه، في هذه المنطقة يبدو وكأن هناك مذبحة، لأن قرية فلسطينية أو على الأقل الجزء الشمالي منها تحول إلى نيران كبيرة، حيث أشعل مئات الإسرائيليين المملوئين برغبة الانتقام النار في منازل وسيارات الفلسطينيين، ولم تتمكن قوات الجيش هناك من إيقافهم.
وبالرغم من ذلك فقد أطلق بعض زعماء المستوطنين على من قاموا بهذه الاعتداءات “فتيان مرتبكون”، لكن الذين كانوا في حوارة لا يعكسون في الحقيقة إلا صورة الإرهاب اليهودي.
إن قيام مستوطني الكيان بأخذ القانون بأيديهم، والانتقام من الأبرياء، والحرق، والإيذاء، والقتل في بعض الحالات يؤسس لمرحلة من التوتر لن يستطيع الكثيرون تحملها، وقد وعدت قوات أمن العدو بالتحرك لكنها لم تظهر سوى التراخي وانعدام التصميم، حتى أصبحت “عمليات تدفيع الثمن الانتقامية” من الأمور الروتينية في كيان العدو.
لقد شاهد ملايين الفلسطينيين الليلة الماضية (الأحد) بثًا مباشرًا لسكان حوارة وهم يبكون على مواقع التواصل الاجتماعي طلبًا للمساعدة أثناء تعرضهم للهجوم، والبعض منهم كان ييكي بالفعل أثناء تصوير منازلهم المشتعلة.
على إثر ذلك أطلقت المنظمات الفلسطينية دعوات للتوجه لجميع خطوط التماس مع كيان العدو في الضفة الغربية وقطاع غزة، للتخفيف عن إخوانهم المحاصرين، وخرج الكثير من الفلسطينيين للتظاهر في وسط مدن قطاع غزة واستمر عدد منهم بالقرب من السياج، وكذلك في مراكز المدن الفلسطينية في الضفة الغربية.
قبل ساعات قليلة، كانت السلطة الفلسطينية وكيان العدو لا يزالان جالسان ويتحدثان في العقبة، وقد كان القاسم المشترك بينهما الضغط الأمريكي، وكانوا مجبرين على محاولة التأكد من أن الأمور لم تخرج عن السيطرة عشية رمضان.
ولا ننسى “نتنياهو” الذي وعد بالأمن في كل مكان وعاد مع حكومته إلى السلطة بهدف استعادة الحكم ومحاربة ما يسميه “الإرهاب”، لكن بداية عام 2023 تنذر بعكس ما وعد تمامًا، وما يجري هو تصعيد خطير ومنحدر يبدو أكثر انزلاقًا وستكون له آثار أكبر من أي وقت مضى.